عشراء (١) ، بين جنبيها ميل (٢) ، فقال لهم صالح : لقد سألتموني شيئا يعظم علي ، ويهون على ربي جل وعز».
قال : «فسأل الله تعالى صالح ذلك ، فانصدع (٣) الجبل صدعا كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا ذلك ، ثم اضطرب ذلك الجبل اضطرابا شديدا كالمرأة إذا أخذها المخاض (٤) ، ثم لم يفجأهم إلا رأسها (٥) قد طلع عليهم من ذلك الصدع ، فما استتمت رقبتها حتى اجترت (٦) ، ثم خرج سائر جسدها ، ثم استوت قائمة على الأرض ، فلما رأوا ذلك ، قالوا : يا صالح ، ما أسرع ما أجابك ربك؟ ادع لنا ربك يخرج لنا فصيلها ، فسأل الله ـ عزوجل ـ ذلك (٧) ، فرمت به فدب حولها ، فقال لهم : يا قوم ، أبقي شيء؟ قالوا : لا ، انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك».
قال : «فرجعوا فلم يبلغ (٨) السبعون إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا ، وقالوا : سحر وكذب ، قال (٩) : فانتهوا إلى الجميع (١٠) ، فقال الستة : حق ، وقال (١١) الجميع : كذب وسحر».
__________________
(١) العشراء ، بالضم وفتح الشين والمد : التي أتى على حملها عشرة أشهر ، ثم اتسع فيه فقيل لكل حامل : عشراء ، وأكثر ما يطلق على الخيل والإبل. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤٠ (عشر).
(٢) في المرآة : «قوله : بين جبينها ميل ، أي يكون عرضها قدر ميل».
(٣) «فانصدع» أي انشق ؛ من الصدع ، وهو الشق والتفرق. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٤١ (صدع).
(٤) المخاض : الطلق ، وهو وجع الولادة. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٠٦ (مخض).
(٥) في المرآة : «أي لم يظهر لهم فجأة شيء إلارأسها». وراجع : المصباح المنير ، ص ٤٦٣ (فجأ).
(٦) الاجترار : هو أن يجر البعير من الكرش ـ وهو له بمنزلة المعدة للإنسان ـ ما أكل إلى الفم فيمضغه مرة ثانية ؛ من الجرة ، وهو ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ، ثم يبلعه. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٥٩ ؛ مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٢٤٤ (جرر).
(٧) في «ع ، جت» : ـ «ذلك».
(٨) في «بن» : «فلم تبلغ».
(٩) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «قالوا».
(١٠) «الجميع» : ضد المتفرق ، والجيش ، والحي المجتمع. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٥٤ (جمع).
(١١) في «ع ، بف ، جد» : «وقالوا».