__________________
يصدقهم ويتبع أثرهم ـ أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه وإلى جميع سبل الحق ، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلامن سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة ، فاولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله تعالى علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم ، فاولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان ؛ لأنهم جعلوا أهل الايمان في علم القرآن عند الله كافرين ، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين ، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما ، وجعلوا ما حرم الله في كثير من الأمر حلالا ، فذلك أصل ثمرة أهوائهم ، وقد عهد إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل موته فقالوا : نحن بعدما قبض الله رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله تعالى رسوله ، وبعد عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به مخالفة لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوآله ، فما أحد أجرأ على الله ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك ، وزعم أن ذلك يسعه ، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد صلىاللهعليهوآله وبعد موته ، هل يستطيع اولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد صلىاللهعليهوآله أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه؟ فإن قال : نعم ، فقد كذب على الله ، وضل ضلالا بعيدا ، وإن قال : لا ، لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه ، فقد أقر بالحجة على نفسه وهو ممن يزعم أن الله يطاع ويتبع أمره بعد قبض الله رسوله صلىاللهعليهوآله ، وقد قال الله تعالى ـ وقوله الحق ـ : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران (٣) : ١٤٤] وذلك ليعلموا أن الله تعالى يطاع ويتبع أمره في حياة محمد صلىاللهعليهوآله وبعد قبض الله محمدا صلىاللهعليهوآله ، وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمد صلىاللهعليهوآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمد صلىاللهعليهوآله ، فكذلك لم يكن لأحد من الناس من بعد محمد صلىاللهعليهوآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه».
وقال : «دعوا رفع أيديكم في الصلاة إلامرة واحدة حين تفتتح الصلاة ؛ فإن الناس قد شهروكم بذلك والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلابالله».
وقال : «أكثروا من أن تدعوا الله ؛ فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة ، والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنة ، فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار ؛ فإن الله تعالى أمر بكثرة الذكر له ، والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين ، واعلموا أن الله لمن يذكره أحد من عباده المؤمنين إلاذكره بخير ، فأعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته ؛ فإن الله لا يدرك شيء من الخير عنده إلابطاعته واجتناب محارمه التي حرم الله تعالى في ظاهر القرآن وباطنه ؛ فإن الله تعالى قال في كتابه ـ وقوله الحق ـ (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) [الأنعام (٦) : ١٢٠] واعلموا أن ما أمر الله أن تجتنبوه فقد حرمه الله ، واتبعوا آثار رسول الله صلىاللهعليهوآله وسنته ، فخذوابها ، ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلوا ؛ فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله ، وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم ، فإن أحسنتم