ودانوا (١) لدوام أبديته.
وأشهد أن محمدا صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، اختاره بعلمه ، واصطفاه لوحيه ، وائتمنه على سره ، وارتضاه (٢) لخلقه ، وانتدبه (٣) لعظيم أمره ، ولضياء معالم دينه ، ومناهج سبيله (٤) ، ومفتاح وحيه (٥) ، وسببا لباب رحمته ، ابتعثه على حين فترة (٦) من الرسل ، وهدأة (٧) من العلم ، واختلاف من الملل ، وضلال عن الحق ، وجهالة بالرب ، وكفر بالبعث والوعد ، أرسله إلى الناس أجمعين ، رحمة للعالمين ، بكتاب كريم قد فضله وفصله (٨) وبينه وأوضحه وأعزه ، وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن (٩) خلفه ، تنزيل من حكيم حميد.
ضرب للناس فيه الأمثال ، وصرف فيه الآيات لعلهم يعقلون ، أحل فيه
__________________
(١) في مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٦ : «قوله عليهالسلام : دانوا ، أي أقروا وأذعنوا بدوام أبديته ، أو أطاعوا وخضعوا وذلوا له ؛ لكونه دائم الأبدية ولا مناص لهم عن حكمه. يقال : دان ، أي ذل وخضع ، وعبد وأطاع ، وأقر واعتقد. والكل مناسب ، كما عرفت». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٧٥ (دين).
(٢) الارتضاء : الاختيار ، يقال : رضيت الشيء وبه ، وارتضيته ، أي اخترته. المصباح المنير ، ص ٢٢٩ (رضي).
(٣) في شرح المازندراني : «الظاهر أن اللام بمعنى «إلى» ، تقول : ندبته إلى الأمر ندبا ، من باب قتل ، وانتدبته إليه ، إذا دعوته فانتدب ، يستعمل لازما ومتعديا». وراجع : المصباح المنير ، ص ٥٩٧ (ندب).
(٤) في شرح المازندراني : «ومناهج سبيله ، الإضافة بيانية ، والمناهج : جمع منهج ، وهو طريقته الواضحة المؤدية للسالكين بأيسر سعي إلى رضوانه». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٦ (نهج).
(٥) في شرح المازندراني : «ومفتاح وحيه ، لعل التركيب من قبيل لجين الماء ، أي دعاه إلى وحيه الذي كالمفتاح في فتح أبواب العلوم الربانية والأسرار الإلهية».
وفي المرآة : «قوله عليهالسلام : ومفتاح وحيه ، يمكن تقدير فعل ، أي جعله مثلا ، ويحتمل عطفه على قوله : لخلقه ، ولعله سقط منه شيء».
(٦) الفترة : ما بين الرسولين من رسل الله تعالى من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة ؛ من الفتور ، وهو الضعف والانكسار. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٧٧ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ (فتر).
(٧) الهدأة والهدوء : السكون عن الحركات. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٤٩ (هدأ).
(٨) في البحار : «فصله وفضله».
(٩) في «ع ، ل ، بف» والوافي : «ولا من».