علي القضاء بينهما ، فقال أحدهما : هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر (١) وأخذ بتلابيبه ، وقال : ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاك ومولى كل مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن (٦٥٦) ، والاخبار في هذا المعنى كثيرة. وأنت ـ نصر الله بك الحق ـ تعلم أن لو تمت فلسفة ابن حجر وأتباعه في حديث الغدير ، لكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كالعابث يومئذ في هممه وعزائمه ـ والعياذ بالله ـ الهاذي في أقواله وأفعاله ـ وحاشا لله ـ إذ لا يكون له ـ بناء على فلسفتهم ـ مقصد يتوخاه في ذلك الموقف الرهيب ، سوى بيان ان عليا بعد وجود عقد البيعة له بالخلافة يكون أولى بها ، وهذا معنى تضحك من بيانه السفهاء ، فضلا عن العقلاء ؛ لا يمتاز ـ عندهم ـ أميرالمؤمنين به على غيره ، ولا يختص فيه ـ على رأيهم ـ واحد من المسلمين دون الآخر ، لان كل من وجد عقد البيعة له كان ـ عندهم ـ أولى بها ، فعلي وغيره من سائر الصحابة والمسلمين في ذلك شرع سواء ، فما الفضيلة التي أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، يومئذ أن يختص بها عليا دون غيره من أهل السوابق ، إذا تمت فلسفتهم يا مسلمون؟ أما قولهم بأن أولوية علي بالامامة لو لم تكن مآلية ، لكان هو الامام مع وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،
__________________
(١) أخرجه الدارقطني ـ كما في أواخر الفصل الاول من الباب الحادي عشر من الصواعق المحرقة لابن حجر ـ (منه قدس).
____________________________________
(٦٥٦) يوجد في : الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ١٠٧ ط الميمنية وص ١٧٧ ط المحمدية بمصر ، ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص ٦٨ ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٩٨ ، الرياض النضرة للطبري الشافعي ج ٢ ص ٢٢٤ ط ٢ ، وفي الغدير ج ١ ص ٣٨٢ عن وسيلة المال للشيخ أحمد بن باكثير المكي.