عليا أولى بالامامة حين يختاره المسلمون لها ، ويبايعونه بها ، فتكون أولويته المنصوص عليها يوم الغدير مآلية لا حالية، وبعبارة أخرى تكون أولوية بالقوة لا بالفعل ، لئلا تنافي خلافة الائمة الثلاثة الذين تقدموا عليه ؛ فنحن ننشدكم بنور الحقيقة ، وعزة العدل ، وشرف الانصاف ، وناموس الفضل ، هل في وسعكم أن تقنعوا بهذا لنحذو حذوكم وننحو فيه نحوكم ، وهل ترضون أن يؤثر هذا المعنى عنكم ، أو يعزى إليكم ، لنقتص أثركم ، وننسج فيه على منوالكم؟ ما أراكم قانعين ولا راضين ، واعلم يقينا انكم تتعجبون ممن يحتمل إرادة هذا المعنى الذي لا يدل عليه لفظ الحديث ، ولا يفهمه أحد منه ، ولا يجتمع مع حكمة النبي ولا مع بلاغته صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا مع شيء من أفعاله العظيمة ، وأقواله الجسيمة يوم الغدير ، ولا مع ما أشرنا إليه سابقا من القرائن القطعية ، ولا مع ما فهمه الحارث بن النعمان الفهري من الحديث ، فأقره الله تعالى على ذلك ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والصحابة كافة.
على أن الاولوية المآلية لا تجتمع مع عموم الحديث ، لانها تستوجب أن لا يكون علي مولى الخلفاء الثلاثة ، ولا مولى أحد ممن مات من المسلمين على هدهم كما لا يخفى ، وهذا خلاف ما حكم به الرسول حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى ، فقال من كنت مولاه ـ يعني من المؤمنين فردا فردا ـ فعلي مولاه من غير استثناء كما ترى. وقد قال أبوبكر وعمر لعلي (١) ـ حين سمعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول
__________________
(١) فيما أخرجه الدارقطني ـ كما في أواخر الفصل الخامس من الباب الاول من صواعق ابن حجر ـ فراجع منها ص ٢٦ ، وقد رواه غير واحد أيضا من