الباحثون ، وسنن أهل السنة تشهد بذلك (٤٧٧) كما يعلمه المتتبعون ، فقول المعترض بأن سياق الحديث دال على تخصيصه بغزوة تبوك مما لا وجه له اذن ، كما لا يخفى.
٣ ـ اما قولهم بأن العام المخصوص ليس بحجة في الباقي ، فغلط واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلا من يعتنف الامور ، فيكون منها على غماء ، كراكب عشواء ، في ليلة ظلماء ، نعوذ بالله من الجهل ، والحمد لله على العافية ، ان تخصيص العام لا يخرجه عن الحجية في الباقي إذا لم يكن المخصص مجملا ، ولا سيما إذا كان متصلا كما في حديثنا ، فإن المولى إذا قال لعبده : أكرم اليوم كل من زارني إلا زيدا ، ثم ترك العبد إكرام غير زيد ممن زار مولاه يعد في العرف عاصيا ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم ، والعقوبة على قدر ما تستوجبه هذه المعصية عقلا أو شرعا ، ولا يصغي أحد من أهل العرف إلى عذره لو اعتذر بتخصيص هذا العام ، بل يكون عذره أقبح عندهم من ذنبه ، وهذا ليس إلا لظهور العام ـ بعد تخصيصه ـ في الباقي ، كما لا يخفى ، وأنت تعلم ان سيرة المسلمين وغيرهم مستمرة على الاحتجاج بالعمومات المخصصة بلا نكير ، وقد مضى الخلف على ذلك والسلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وتابعي التابعين وتابعيهم إلى الآن ، ولا سيما أئمة أهل البيت وسائر أئمة المسلمين ، وهذا مما لا ريب فيه ، وحسبك به دليلا على حجية العام المخصوص ، ولولا أنه حجة لانسد على الائمة الاربعة وغيرهم من المجتهدين باب العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، فإن رحى العلم
____________________________________
(٤٧٧) كما سوف يأتي في المراجعة التالية.