ويستخرج منه نفعا ويقدر له قيمة ، وينظر اليه نظرة اعتبار ، ليجمع بين العلم والعمل ، وبين النظريات والتطبيق.
اذن فقد كانت مدرسته ـ بالقياس اليه ـ مدرستين : يعاني في إحداهما المسائل العلمية ، ويعاني في الثانية المسائل الاجتماعية ، ثم تتزاوج في نفسه آثار هذه وآثار تلك مصطلحة على انتاج بطولته.
في عاملة :
وحين استعلن نضجه ، ولمع فضله في دورات البحث ومجالس المذاكرة والتحصيل ؛ عاد في الثانية والثلاثين من عمره ـ إلى جبل عامل ـ جنوب لبنان ، موقورا مشهورا مملوء الحقائب ، ريان النفس ، وريق العود ، ندي اللسان ، مشبوب الفكر ، وكان يوم وصوله يوما مشهودا ، قذفت فيه عاملة بابنائها لتستهل مقدمه مشرقا في ذراها واجوائها ، واستقبلته مواكب العلماء والزعماء والعامة ، إلى حدود الجبل من طريق الشام في مباهج كمباهج العيد.
ولم تكن عاملة ـ وهي منبت اسرته ـ مغالية أو مبالغة بمظاهر الحفاوة به ، أو بتعليق أكبر الآمال عليه ، فانها علمت ـ ولما يمض عليه فيها غير زمن يسير ـ أنه زعيمها الذي ترجوه لدينها ودنياها معا ، فتنيط به الامل عن « عين » بعد ان اناطته به عن « اذن » ، وتتعلق به عن خبرة ، بعدما تعلقت به عن سماع ، وتعرف به الرجل الذي يضيف عيانه إلى اخباره ، أمورا لم تدخل في الظن عند الخبر.
اصلاحه :
وابتدأت في عاملة حياة جديدة ، شأنها الشدة في الدين ، واللين في