به ، ولك أن لا تكتفي منه، فبحسبي ان أشعرك بطرف مما عرفت منه ، وانا انغمس في هذه ـ المراجعات ـ. وبحسبك مني أن ترى منزلته من نفسي : كعالم يضم إلى علمه فنا من الادب منقطع النظير ، ولك أن تثق بي حين تعتبرني دليلا ، امينا سليم الاختيار بترجمة هذه الذخيرة ، وضمها إلى مؤثلات لغتنا الحية.
مولده ونشأته :
على اني لا أرى لك ان تقتصر من معرفته على هذا المقدار ، كما لا أرى لك ان تجتزئ بطائر اسمه ، وسعة شهرته في العالم الاسلامي ، وانما أرى ان تتجاوز ذلك إلى الاحاطة بشيء من حياته ؛ وبشيء من ظروفه التي قدرت له هذه الحياة.
ولد السيد عبدالحسين شرف الدين ـ أورف الله ظله ـ في الكاظمية سنة ١٢٩٠ هـ ـ. من أبوين كريمين تربط بينهما أواصر القربى ، ويوحد نسبهما كرم العرق ، فابوه الشريف يوسف بن الشريف جواد بن الشريف اسماعيل ، وامه البرة (الزهراء) بنت السيد هادي بن السيد محمد علي ، منتهيين بنسب قصير إلى شرف الدين أحد أعلام هذه الاسرة الكريمة.
ثم درج في بيت مهدت له اسباب الزعامة العلمية ؛ ورفعت دعائمه على أعلام لهم في دنيا الاسلام ، ذكر محمود ، وفضل مشهود ، وخدمات مشكورة ، فكانت طبيعة الارث الاثيل ، تحفزه للنهوض من جهة اخرى ، وتربيته الصالحة ـ كانت قبل ذلك ـ تصوغه على خير مثال يصاغ عليه الناشئ الموهوب ، فهو أنى التفت من نواحي منشئه الكريم ، استقى النشاط والتوفر على ما بين يديه من حياة : مؤملة لخيره ولخير من وراءه من الناس.