وتَارَبَتْهَا أَيْ صَارَتْ تِرْبَهَا وخادَنَتْهَا (١) كما في الأَسَاس قال كُثَيِّر عَزَّةَ :
تُتَارِبُ بِيضاً إِذَا اسْتَلْعَبَتْ |
|
كَأُدْمِ الظِّبَاءِ تَرُفُّ الكَبَاثَا |
والتَّرْبَةُ بالفَتْح فالسُّكُونِ احْتَرَازٌ مِنَ التَّحْرِيك ، فلا يَكُونُ ذكْرُ الفَتْح مُسْتَدرَكاً كما زَعَمَه شَيخُنا : الضَّعْفَةُ بالفَتْح أَيضاً ، نقله الصاغانيّ.
وبِلَا لَامٍ كَهُمَزَةٍ : وَادٍ بقُرْبِ مَكَّةَ علَى يَوْمَيْنِ منها يَصُبُّ في بُسْتَانِ ابْنِ عامِرٍ حَوْلَهُ جِبَالُ السَّراة ، كذَا في المراصد ، وقيل : يُفْرِغُ في نَجْرَانَ ، وسُكِّنَ رَاؤُه في الشِّعْر ضَرُورةً ، كَذَا في كتاب نَصْر ، وفي لسان العرب : قَالَ ابنُ الأَثير في حديث عُمَر رَضِيَ اللهُ عنه ذِكْرُ تُرَبَةَ ، مِثَالُ هُمَزَةٍ : وادٍ قُرْب مكَّةَ على يَوْميْنِ منها. قُلتُ : ومِثْلُهُ قَالَ الحَازِمِيّ ، ونَقَلَ شيخُنَا عن السُّهَيْلِيّ في الرَّوْضِ في غَزْوَةِ عُمَرَ إِليها أَنَّهَا أَرْضٌ كانت لِخَثْعَمَ ، وهكذا ضَبَطَه الشَّاميُّ في سيرَتِه ، وقال في العُيُون : إِنَّ النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَرْسَلَ عُمَرَ إِليها في ثَلَاثينَ رَجُلاً ، وكان ذلك في شَعْبَانَ سنَةَ سَبْعٍ ، وقال الأَصمعيُّ : هِيَ وَادٍ للضِّبَابِ طوله ثلَاثُ لَيالٍ ، فيه نَخْلٌ وزروعٌ وفَوَاكهُ : وقد قَالُوا (٢) : إِنهُ وَاد ضَخْمٌ ، مَسِيرَتُه عشْرُونَ يَوْماً أَسفله بنجد وأَعلاه بالسَّراة (٣) وقَالَ الكَلْبِيُّ : تُرَبَةُ : وَادٍ وَاحدٌ يَأْخُذُ منَ السَّرَاة ويُفْرِغُ في نَجْرَانَ ، وقِيلَ : تُرَبَةُ مَاءٌ في غَرْبِيِّ سَلْمَى ، وقال بعضُ المحَدِّثينَ : هي عَلَى أَرْبَعِ لَيَالٍ مِنْ مَكَّةَ ، قاله شيخُنَا ، قُلْتُ : ويَعْضُدُه مَا في الأَسَاسِ : وَطِئْتُ كُلَّ تُرْبَة في أَرْض العَرَب ، فَوَجَدْتُ تُرَبَة أَطْيَبَ التُّرَب ، وهيَ وادٍ على مَسيرَة أَرْبَعِ لَيَالٍ منَ الطَّائفِ ، ورأَيْتُ ناساً من أَهْلهَا.
وفي لسان العرب : وتُرْبَةُ ، أَيْ كقُرْبَة ، وَادٍ مِنْ أَوْديَة اليَمَنِ ، وتُرْبَةُ : مَوْضعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي عَامِرِ بنِ كِلَابٍ ، ومِنْ أَمْثَالِهِمْ : «عَرَفَ بَطْنِي بَطْنَ تُرْبَةَ» (٤) يُضْرَبُ للرَّجُلِ يَصيرُ إِلى الأَمْرِ الجَلِيِّ بَعْدَ الأَمْرِ المُلْتَبِس ، والمَثَلُ لعامر بن مالكٍ (٥) أَبِي البَرَاءِ.
قُلْتُ : وذَكَرَه السُّهَيْلِيُّ فِي تُرَبَةَ كهُمَزَةٍ ، فلْيُعْلَمْ ذلكَ ، وبه تَعْرِفُ سُقُوطَ ما قالَه شيخُنَا ، وليس عنْدَ الحَازِميِّ تُرْبَة سَاكِنَ الرَّاءِ اسْم مَوْضِعٍ من بِلَاد بَنِي عَامر بنِ مَالكٍ ، كَذَا قِيلَ ، على أَنَّ بعْضَ ما ذَكَرَه في تُرَبَةَ كهُمَزَةٍ تَعْرِيفٌ لِتُرْبَة ، يَظْهَرُ ذلكَ عندَ مُرَاجَعَةِ كُتُبِ الأَمَاكنِ والبِقَاع.
والتُّرَبَةُ ، كهُمَزَة ، باللَّام ، والتَّرْبَاءُ كصَحْرَاءَ : مَوْضعَانِ ، وهُوَ غَيْرُ تُرَبَة كَهُمَزَةٍ بلَا لَام ، كذا في لسان العرب.
وتُريْبةُ كجُهيْنَةَ : ع باليَمَن وهي قَرْيَةٌ من زَبيد ، بها قَبْرُ الوَليِّ المَشْهُور طَلْحَةَ بنِ عيسَى بن إِقْبَال ، عُرفَ بالهِتَار ، زُرْتُهُ مِرَاراً ، وله كَرَاماتُ شَهيرَةٌ.
وتُرَابَةُ كقُمَامَة : ع به أَيضاً. والنِّسْبَةُ إِليهمَا تُرَيْبِيٌّ وَتُرَابِيّ.
وتُرْبَانُ بالضَّمِّ : وَادٍ بَيْنَ الحَفِيرِ والمَدِينَةِ المُشَرَّفَة وقيلَ : بَيْنَ ذَاتِ الجَيْشِ والمَلَلِ (٦) ، ذاتِ حِصْن وقُلَل ، على المَحَجّة ، فيها مِيَاهٌ كثيرة ، مرَّ به رسولُ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غَزَاة بَدْرٍ. وفي حديث عائشةَ : «كُنَّا بتُرْبَانَ» قالَ ابنُ الأَثير : هو مَوْضعٌ كَثيرُ المِياه ، بينَه وبينَ المَدينة نَحْوُ خَمْسَةِ فَرَاسخَ (٧) ، كَذَا في لسان العرب ، وتُرْبَانُ أَيضاً : قَرْيةٌ على خَمْسَةِ فَرَاسخَ من سمَرْقَنْدَ ، قاله ابنُ الأَثير ، وإِليها نُسِبَ أَبُو عَليٍّ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ بن إِبْرَاهيمَ التُّرْبَانِيُّ الفَقيهُ المُحَدِّثُ. وقَالَ أَبُو سَعْدٍ المالينيّ : قَرْيَةٌ بمَا وَرَاءَ النَّهْر فيمَا أَظُنُّ ، وقيلَ : هو صُقْعٌ بَيْنَ سَمَاوَةِ كَلْبٍ والشَّأْمِ (٨) ، كذا في المَرَاصِد والمُشْتَرَك لياقوت ، قاله شيخُنَا.
وَأَبُو تُرَابٍ كُنْيَةُ أَميرِ المُؤْمنينَ عَليّ بن أَبي طَالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وقيلَ : لَقَبُه ، على خِلَاف في ذلك بَيْن النَّحَاةِ والمُحَدِّثينَ ، وَأَنْشَدَنَا بَعْضُ الشُّيُوخ :
__________________
(١) عن الأساس ، وبالأصل «وحاذتها» وبهامش المطبوعة المصرية «قوله وحاذتها كذا بخطه والذي في الأساس وخادنتها».
(٢) وهو قول أحمد بن محمد الهمداني كما في معجم البلدان (تربة).
(٣) بالأصل : «يوماً السافلة ينحدر أعاليه بالسراة» وما أثبتناه يوافق بمعناه ما جاء في معجم ياقوت.
(٤) في معجم ما استعجم : تُرَبَة.
(٥) عن اللسان والبكري ، وبالأصل «مالك بن عامر».
(٦) عبارة ياقوت : وملل والسيالة على المحجة نفسها.
(٧) في معجم البكري عن الأصمعي : تربان على ثمانية عشر ميلاً من المدينة ، على طريق مكة.
(٨) هو قول نصر قاله ياقوت.