جَعلْتَ الهمزَةَ بينَ الواوِ والهمزة فقُلْتَ : مُسْتَهْزِؤُنَ ، فهذا الاختيارُ بعد التحقيق ، ويجوز أَن يُبْدَل منها ياء ، فيُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُونَ ، وأَما مُسْتَهْزُونَ فضَعِيفٌ لا وَجْهَ له إِلَّا شاذًّا على وجْهِ من أَبدَلَ الهمزَةَ ياءً فقال في استهزَأْتُ استهزَيْتُ ، فيجبُ على استهزَيْتُ مُسْتَهْزَونَ. وللمفسِّرِينَ في معنى الاستهزاءِ أَقوالٌ كثيرَةٌ. راجع تفسيرَ الزجاجِ تَظَفَرْ بالمُرَاد.
ورَجُلٌ هُزْأَةٌ ، بالضمّ فالسكون أَي يُهْزَأُ مِنْه ، وقيل يُهْزَأُ به.
ورَجُلٌ هُزَأَةٌ كَهُمَزَةٍ : يَهْزَأُ بالنَّاسِ لكونه موضوعاً للدَّلالة على الفاعِلِ إِلَّا ما شَذَّ ، قال يونُسُ : إِذا قال الرجلُ : هَزِئْتُ منكَ فقد أَخطأَ ، إِنما هو هَزِئْتُ بك ، واستهزَأْتُ بك ، وقال أَبو عمرٍو : يقال : سَخِرْتُ منك ولا يقال : سَخرْتُ بك.
وقد هَزَأَه ، كمَنَعَه يَهْزَؤُهُ هَزْءاً : كَسَرَهُ قال يصف دِرْعاً.
لَهَا عُكَنٌ تَردُّ النَّبْلَ خُنْساً |
|
وَتَهْزَأُ بِالمَعَابِلِ والقِطَاعِ |
الباءُ في قوله بالمعابل زائدةٌ ، هذا قولُ أَهل اللغة ، وقال ابنُ سِيدَه : وهو عندي خَطَأٌ ، إِنما تَهْزَأُ هاهنا من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيَة ، كأَن هذه الدِّرْع لَمَّا رَدَّت النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هَازِئَةً بها.
وعن ابن الأَعرابيّ : هَزَأَ إِبلَهُ هَزْءاً : قَتَلَهَا بِالْبَرْدِ كَهَرَأَها ، بالراء كَأَهْزَأَها رُبَاعِيًّا. قال ابنُ سِيدَه : لكن المعروفُ بالرَّاءِ ، وأُرَى الزَّايَ تَصْحيفاً ، انتهى. وقال ابنُ الأَعرابيّ : أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه ، إِذا قَتَلَه ، مثل أَزْغَلَه وأَرْغَله فيما يَتَعاقبُ فيه الراءُ والزاي.
وعن الأَصمعيّ وغيرِه : هَزَأَ رَاحِلَتَه ونَزَأَها : حَرَّكَها لِتُسْرع.
وهَزَأَ زَيْدٌ : مَاتَ مكانه ، أَي فَجْأَةً ، كما قَيَّدَه الزمخشريُّ في الكشّاف ، وإِن اعتَرَضه ابنُ الصائغ فلا يُعْتَدُّ به ، قاله شيخُنا نقلاً عن العِنَايَة كَهَزِىءَ مثل فَرِحَ ، وهذه عن الصاغاني.
وأَهْزَأَ الرجلُ إِذا دَخَلَ في شِدَّةِ البَرْدِ ، نقله الصاغانيُّ أَيضاً.
وأَهزأَتْ به ناقَتُه : أَسْرَعَتْ به ، وذِكْرُ الناقةِ مثالٌ ، فلو قال : دابَّتُه ، كان أَوْلَى.
وفي الأَساس : ومن المجازِ : مَفَازَةٌ هَازِئَةٌ بالرَّكْبِ وهزأَة بهم (١) والسرابُ يَهْزَأُ بِهم ، وغَدَاةٌ هازِئَةً : شديدةُ البَرْدِ ، كأَنها تَهْزَأُ بالناس حين يَعْتَرِيهم الانقباضُ والرِّعْدَةُ.
[همأ] : الهِمْءُ ، بالكسر هو الثَّوْبُ الخَلَقُ ، ج أَهْمَاءٌ.
وَهَمَأَهُ أَي الثوبَ كمَنَعَه يَهْمَؤُهُ هَمْأً : خرَقَهُ أَي جَذَبَه فانخَرق وأَبْلَاهُ ، كأَهْمَأَهُ رُباعيَّا فَانْهَمَأَ وتَهَمَّأَ أَي تَقَطَّع من البِلَى ، وربما قالُوا : تَهَتَّأَ ، بالتاء المثنَّاة الفوقِيَّة ، وقد تقدَّم ذِكْرُه.
[هنأ] : الهَنِيءُ والمَهْنَأُ : مَا أَتَاكَ بلا مَشَقَّةِ اسمٌ كالمَثْنَى (٢) وقد هَنِئَ الطعامُ يَهْنَأُ وهَنُؤَ يَهْنُؤُ هَنَاءَةً : صَارَ هنيئاً ، مثل فقِه وفقَهَ.
وهَنَأَنِي الطعامُ وهَنَأَ لي الطَّعَامُ يَهْنَأُ ويَهْنِئُ ويَهنُؤُ هِنْأً بالكسر وهَنْأً بالفتح ، ولا نظيرَ له في المهموز ، قاله الأَخفشُ ، ويقال : هَنَأَني خُبْزُ (٣) فلان أَي كان هنيئاً.
وهَنِئْتُ الطَّعَامَ ، بالكسر ، أَي تَهَنَّأْتُ به بغيرِ تَبِعَةٍ ولا مَشَقَّةٍ وقد هَنَأَنَا اللهُ الطَّعامَ.
وكان طعاماً اسْتَهْنَأْنَاهُ ، أَي اسْتَمْرَأْنَاهُ وفي حديثِ سُجودِ السَّهْوِ «فَهَنَّاهُ ومَنَّاهُ» أَي ذَكَّرَه المَهَانِي (٤) والأَمانِي ، والمُرادُ به ما يَعْرِضُ للإِنسانِ في صَلَاتِه مِن أَحاديثِ النَّفْسِ وتَسْوِيلِ الشيطانِ.
ولك المَهْنَأْ والمَهْنَا ، والجَمْعَ المَهانِىءُ ، بالهمز ، هذا هو الأَصلُ ، وقد يُخَفَّف ، وهو في الحدِيثِ أَشْبَهُ ، لأَجل مَنَّاه ، وفي حديث ابنِ مَسعودٍ في إِجابة صاحبِ الرِّبَا «إِذا دَعَا إِنْساناً وأَكلَ طعامه ، [قال] (٥) : لك المَهْنَأُ وعَليه الوِزْرُ» أَي يَكونُ أَكلُك لَه هنيئاً لا تُؤَاخَذُ به ، ووِزْرُه على مَن
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : كذا بخطه ، وفي الأساس المطبوع : وهزّاءة فليحرر.
(٢) اللسان : كالمشتى.
(٣) عن اللسان ، وبالأصل : خبر.
(٤) في النهاية : «المهانىء».
(٥) عن النهاية.