تَفَقَّأَتْ شَحْماً كَمَا الإِوَزِّ |
|
مِنْ أَكْلِهَا البَهَطَّ بِالأَرُزِّ |
وقال الليثُ : انفقأَت العينُ وانفقأَت البَثْرَةُ ، وبَكَى حتّى كادَ يَنْفَقِئُ بَطْنُه أَي يَنْشَقُّ ، وفي أَحكام الأَساس : أَكَل حَتّى كاد بَطْنُه يَتَفَقَّأُ ، انتهى ، وكانت العربُ في الجاهليَّة إِذا بلغَ إِبِلُ الرجل منهم أَلْفاً فَقَأَ عينَ بعيرٍ منها وسَرَّحه حتى (١) لا يَنْتَفِعُ به ، وأَنشد :
غَلَبْتُكَ بِالمُفَقِّئِ وَالمُعَنِّي |
|
وبَيْتِ المُحْتَبِي والخَافِقَاتِ |
قال الأَزهريُّ : ليس معنى المُفَقِّئِ في هذا البيت ما ذَهب إِليه الليثُ ، وإِنما أَراد به الفرزدَقُ قولَه لجريرٍ :
وَلَسْتَ وَلَوْ فَقَّأْتَ عَيْنَكَ وَاجِداً |
|
أَبالَكَ إِن عُدَّ المَسَاعِي كَدَارِمِ |
وقال ابن جِنِّي : ويقال للضعيف الوادع : إِنه لا يُفَقِّئُ البَيْضَ. والذي في الأَساس : وفُلانٌ لا يَرُدُّ الرَّاوِيَة ولا يُنْضِجُ (٢) الكُرَاعَ ولا يَفْقَأُ البَيْضَ ، يقال ذلك للعاجز وفَقَأَت البُهْمَي وهي نَبْتٌ فُقُوءاً كقُعودٍ ، كذا في النسخ ، والذي في لسان العرب فَقْأً : ويقال : تَفَقَّأَتْ تَفَقُّؤاً ، وبه صَدَّر غيرُ واحدٍ ، وجعل الثلاثيَّ قولاً ، بل سكَت الجوهريُّ عن ذكر الثلاثيّ ، ومثله في الأَفعال ، أَي انْشَقَّتْ لفائفُها عن نَوْرِها ، وَفَقَأَتْ إِذا تَشَقَّقَتْ لفائفُها عن ثَمرتها ، وفسره المؤلّف بقوله تَرَّبَها (٣) المَطَرُ والسَّيْلُ فلا تَأْكُلُها النَّعَمُ ، ولم يذكر ذلك أَحدٌ من أَهل اللغة ، كما نبه عليه شيخنا.
قلت : كيف يكون ذلك وهو موجود في العُباب ونصه :
وفقَأَت البُهْمَى فُقُوءاً إِذا حَمَل عليها المَطَرُ أَو السَّيْلُ تُراباً فَلا تَأْكلها النَّعَمُ حتى يَسْقُط عنها وكذلك كلُّ نبت.
وتَفقَّأَ الدُّمَّلُ والقَرْحُ ، وَتَفَقَّأَت السَّحابَةُ عن مائها : تشقَّقَتْ ، وتَفَقَّأَتْ تَبَعَّجَتْ بِمائها ، قال عمرُو بن أَحْمَرَ الباهليُّ :
بِهَجْلٍ مِنْ قَساً ذَفِرِ الخُزَامَى |
|
تَهَادَى الجِرْبِيَاءُ به الحَنِينَا |
تَفَقَّأَ فَوْقَه القَلَعُ السَّوَارِي |
|
وَجُنَّ الخَازِبَاز بِهِ جُنُونَا |
الهَجْلُ : هو المطمئِنُّ من الأَرض ، والجِرْبِياءُ : الشَّمالُ. وقال شيخنا : صرَّح شُرَّاحُ الفصيحِ بأَن استعمالَ الفُقوءِ في النَّباتِ والأَرضِ والسحابِ ونَحْوِها كلُّه من المجاز ، مأْخوذ من فَقَأَ العَيْنَ ، وظاهر كلام المُصَنّف والجوهريّ أَنه من المُشترك ، انتهى.
وفي أَحكام الأَساس : ومن المجاز : فَقَأَ اللهُ عنك عَيْنَ الكَمَالِ ، وتَفَقَّأَت السحابةُ : تَبَعَّجَتْ عن مائها.
والفَقْءُ بالفتح ، والفُقْأَةُ ، بالضم ، ويقال أَيضاً بالتَّحْرِيك عن الكسائي والفراء ، ويوجد هنا في بعض النسخ تشديد القاف مع الضم والمد وكذا الفَاقِيَاءُ الثلاثة بمعنى السّابِيَاء هي (٤) أَي السابياءُ على ما يأْتي في المعتل التي تَتَفَقَّأُ وفي نسخة شيخنا : تَنْفَقِئُ من باب الانفعال ، أَي تَنشقُّ عن رَأْس الوَلَدِ وفي الصحاح : وهو الذي يَخرُج على رأْس الولد ، والجمع فُقُوءٌ ، وحكى كُرَاع في جمعه فَاقِياءَ ، قال : وهذا غَلَطٌ ، لأَن مثل هذا لم يأْتِ في الجمع ، قال : وأَرَى الفاقياء لُغة في الفَقْءِ كالسَّابِيَاءِ وأَصله فاقِئاءُ بالهمزتين ، فَكُرِه اجتماع الهمزتين ليس بينهما إِلا أَلف ، فقُلبت الأُولى ياءً ، وعن الأَصمعي : [السَّابياءُ] الماء الذي يكون على رأْس الولد ، وعن ابن الأَعرابيّ : السابياء : السَّلَى الذي يكون فيه الولَدُ. وكَثُرَ سَابِيَاؤُهم العَامَ : [أي] (٥) كَثُرَ نِتَاجُهُم ، والفَقْءُ : الماء الذي في المَشِيمَةِ ، وهو السُّخْدُ والنُّخْط (٦). أَو جُلَيْدَةٌ وهو تفسير للفُقْأَة ، عن ابن الأَعرابي ، ففي كلام المُؤلّف لَفٌّ ونَشْرٌ رَقِيقَةٌ تكون على أَنْفِه أَي الولد إِنْ لم تُكْشَف عنه مات الولدُ (٧).
__________________
الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز ، إذا كان هو الفاعل في المعنى ، على الفعل.
(١) زيادة عن اللسان.
(٢) عن الأساس ، وبالأصل «ينضح».
(٣) هذا ضبط القاموس ، وبالأصل «نربها».
(٤) هي : ليست في القاموس.
(٥) زيادة عن اللسان.
(٦) في اللسان : وهو السُّحْدُ والسُّحْتُ والنُّخْطُ.
(٧) عبارة اللسان : الفقأة : جلدة رقيقة تكون على الأنف فإن لم تكشفها مات الولد.