غَرِيباً وسيَعُودُ كَما ، بَدَا (١) ، فَطُوبَى لِلْغُرَباءِ إِذا فَسَدَ الناسُ (٢) ، والذي نَفْسُ أبي القاسِمِ بِيَدِهِ لَيُزْوَأَنَّ الإِيمانُ بَيْنَ هذَيْنِ المَسجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ في جُحْرِها»
هكذا روِي بالهمز ، قال شَمِرٌ : لم أَسمع زَوَأْتُ ، بالهمز ، والصواب لَيُزْوَيَنَّ ، أَي لَيُجْمَعَنَّ ولَيُضَمَّنَّ ، من زَوَيْتُ الشيءَ إِذا جَمَعْتَه ، وسيُذكر في المُعتلّ. قلت : وفي رِوايةٍ : لَيَأْرِزَنَّ بدل لَيُزْوَأَنَّ.
فصل السين المهملة
مع الهمزة
[سأسأ] : سَأْسَأَ بالحِمارِ سَأْسَأَةً وسَأْسَاءً بالمد : زَجَرَه لِيَحْتَبِسَ قاله أَبو عمرٍو ، وقد سَأسأتُ به ، أَو سَأْسَأَ بالحِمار إِذا دَعاهُ لِيشرَبَ وقلتَ له سَأْسَأْ ، قاله الأَحمرَ ، وفي المَثَل «قَرِّبِ الحِمارَ (٣) مِن الرَّدْهَةِ ولا تَقُلْ له سَأْ» الرَّدْهَةُ : نُقْرَةٌ في صَخْرةٍ يَسْتَنْقِعُ (٤) فيها الماءُ ، أَو يَمْضِيَ أَي زَجْرتَه ليمْضِيَ قُلْتَ له سَأْسَأْ ، قاله الليث ، وقد يُذْكَرُ سَأْ ولا يُكَرَّرُ ، فيكون ثُلاثِيًّا قال :
لَمْ تَدْرِ مَا سَأْ لِلْحَميرِ وَلَم |
|
تَضْرِبْ بِكَفِّ مُخَابِطِ السَّلَمِ |
ويقال : سأْ للحمار عند الشُّرْبِ ، فإِن رَوِيَ انطلق وإِلَّا لم يَبْرَحْ ، قال : ومعنى سَأْ اشْرَبْ فإِني أُريد أَن أَذهبَ بك ، قال أَبو منصور : والأَصل في سَأْ زَجْرٌ وتَحرِيكٌ للمُضِيِّ ، كأَنه يُحَرِّكه لِيشْرَبَ إِن كانتْ له حَاجَةٌ في الماءِ مخافَةَ أَنْ يُصْدِرَه وبه بَقِيَّةُ الظَّماءِ.
* قال شيخنا : ومما بقي على المؤلف :
السِّئْسِئُ كالضِّئْضِيءِ وَزْناً ومعْنًى ، نقلَه عن ابنِ دِحْيَةَ في التَّنْوِيهِ.
قلت وفي العُباب : تَسأْسَأَتْ عَلَيَّ أُمورُكم (٥) وتَسَيَّأَتْ ، أَي اختلفَتْ فلا أَدرِي أَيُّها أَتبعُ.
[سبأ] : سَبَأ الخَمْرَ كجَعَل يَسْبَؤُها سبْأً وَسِبَاءً ككتاب ومَسْبَأً : شَرَاهَا الأَكثر استعمالُ شَرى في مَعنى البَيْعِ والإِخراج ، نحو قوله تعالى : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) (٦) أَي باعوه ، ولذا فَسَّره في الصحاح والعباب باشتراها ، لأَنه المعروف في معنى الأَخذ والإِدخال ، نحو : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى) (٧) ، وإِن كان كلٌّ مِنْ شَرَى وباعَ يُستعمل في المعنيينِ ، وكذا فَسَّره ابنُ الأَثير أَيضاً ، وزاد الجوهريُّ والصغانيُّ قَيْداً آخَرَ ، وهو لِيَشْربَها (٨) ، قال إِبراهيمُ بنُ عليِّ بن مُحمّد بن سَلَمة بن عامرِ بن هرْمَةَ :
خَوْدٌ تُعاطِيكَ بَعْدَ رَقْدَتِها |
|
إِذَا يُلَاقي العُيُونَ مَهْدَؤُهَا |
كَأْساً بِفيِها صَهْبَاءَ مُعْرَقَةً |
|
يَغْلُو بِأَيْدِي التِّجَارِ مَسْبَؤُهَا |
قوله مُعْرَقَةً أَي قَليلَة المِزاجِ ، أَي أَنها مِن جَوْدَتِها يَغْلُو اشْتِراؤُهَا ، قال الكِسائيُّ : وإِذا اشْتَرَيْتَ الخمرَ لتَحْمِلها إِلى بَلَدٍ آخَر قُلت : سَبَيْتُهَا ، بلا هَمْزٍ ، وعلى هذه التفرقةِ مَشاهيرُ اللُّغوِيِّين إِلّا الفَيُّومِيَّ صاحبَ المِصباح فإِنه قال : ويُقال في الخمرِ خَاصَّةً سَبَأْتُها ، بالهمز إِذا جَلَبْتَها من أَرْضٍ إِلى أَرْضٍ ، فهي سَبِيئَةٌ ، قاله شيخُنا كاسْتَبَأهَا ، ولا يقال ذلك إِلّا في الخَمْرِ خَاصَّةً ، قال مالكُ بنُ أَبِي كَعْبٍ :
بَعَثْتُ إِلى حانُوتِها فَاسْتَبَأْتُهَا |
|
بغَيْر مكَاسٍ فِي السِّوَامِ وَلَا غَصْبِ |
وَبيَّاعُها السَّبَّاءُ كعَطَّارٍ ، وقال خالدُ بنُ عبد الله لِعُمَر بنِ يُوسُفَ الثقفيِّ : يا ابْنَ السَّبَّاءِ ، حكى ذلك أَبو حنيفة.
* ومما أَغفله المؤَّلف : سَبَأَ الشَّرابَ ، إِذا جَمَعها وَجَبَاها (٩) ، قاله أَبو موسى في معنى حَدِيثِ عُمرَ رضياللهعنه ، أَنه دَعَا بِالجِفَانِ فَسَبأَ الشَّرابَ فيها.
وسَبَأَ الجِلْد بالنارِ سَبْأً : أَحْرَقَه (١٠) قاله أَبو زيد ، وسَبَأَ الرجلُ سَبْأً : جَلَدَ ، وسَبَأَ سَلَخَ فيه قَلَقٌ ، لأَنه قول في
__________________
(١) اللسان : بدأ.
(٢) في التهذيب : فسد الزمان.
(٣) الجمهرة ١ / ١٦٨ قف بالحمار.
(٤) الجمهرة : يجتمع.
(٥) في القاموس : تسأسأت الأمور.
(٦) سورة يوسف الآية ٢٠.
(٧) سورة التوبة : الآية ١١١.
(٨) وهو في الأساس عن أبي عبيدة قال : سبأها : شراها للشراب لا للبيع ، واستبأها لنفسه.
(٩) كذا بالأصل ؛ وفي اللسان والنهاية قال أبو موسى ـ بعد ما ذكر الحديث ـ المعنى في الحديث فيما قيل : جمعها وخبأها. وهو أصوب.
(١٠) في المقاييس والمجمل (سبى) : سبأت جلده النارُ : إذا محشته فأحرقت شيئاً من أعاليه.