بالاتفاق ، فلا وَجْه لتوهيم الجوهريّ فيه ، على أَنه ليس بِبْدِع في قوله ، بل هو قولُ مَن سبقه من الأَئمَّة أَيضاً.
ورَقَأَ العِرْقُ رَقْأً وَرُقوءاً : ارتَفَع ، وروى المُنْذِريُّ عن أَبي طالبٍ في قولهم : لا أَرْقَأَ اللهُ دَمْعَته ، قال : معناه : لا رَفَع اللهُ دَمْعَتَه (١) وأَرْقَأْتُه أَنا وأَرقأَه هو.
ورَقَأَ يَرْقَأُ بينهم رَقْأً : أَفسَدَ ، وأَصلحَ ؛ ضِدٌّ وَرَفأَ ما بينهم إِذا أَصلحَ ، فأَمَّا رَفَأَ بالفاء فأَصلَح ، عن ثعلبٍ ، وَرَجُلٌ رَقُوءٌ بين القومِ ، أَي مُصلِحٌ قال الشاعر :
ولكِنَّنِي رَاقِئٌ صَدْعَهُم |
|
رَقُوءٌ لِمَا بَيْنَهُمْ مُسْمِلُ (٢) |
ورَقَأَ في الدَّرَجَةِ كمنَعَ ، صَرَّح به الجوهريُّ وابنُ سيِده وابنُ القُوطِيَّة وَرَقِئْتُ ، كفرِح ، ذكره ابنُ مالكٍ في الكافية وذَكَر أَنه لُغَةٌ في رَقِيَ كَرَضِيَ مُعتلًّا ، ونقل ابنُ القطَّاعِ عن بعض العرب رَقَأْتُ وَرَقَيْتُ ، كرثَأْتُ وَرَثَيْتُ : صَعِدَ عن كُراع ، نادِرٌ وهي المَرْقَاةُ بالفتح ، اسم مكان وتُكْسَر أَي الميم على أَنه اسمُ آلةٍ ، وكلاهما صحيحٌ ، وهما لُغتان في المعتلِّ أَيضاً.
* ومما بقي على المصنف :
ارْقأْ على ظَلْعِكَ ، أَي الْزَمْه وارْبَعْ عليه ، لُغَةٌ في قولك : ارْقَ على ظَلْعِك ، أَي ارْفُقْ بنفسِك ولا تَحْمِلْ عليها أَكثَرَ مما تُطِيق ، وقال ابنُ الأَعرابيّ : يقال : ارْقَ على ظَلْعِكَ ، فتقول : رَقِيتُ رُقِيًّا ، وقال غيره : وقد يُقال للرجل : ارْقَأْ على ظَلْعِك أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَكَ.
[رمأ] : رَمَأَ بالمكانِ كجَعَل رَمْأً وَرُمُوءاً كقُعود : أَقامَ به ، عن أَبي زَيْدٍ. ورَمَأَتِ الإِبلُ بالمكانِ تَرْمَأُ رَمْأً ورُمُوءاً : أَقامَتْ فيه ، وخَصّ بعضهُم به إِقامتَها في العُشب[وعلى مائِةٍ : زاد ، كأرْمأَ] (٣) ورمأَ الخَبَرَ : ظَنَّه بلا حقيقةٍ ، ويقال هل رَمَأَ إِليك خَبَرٌ ، والرَّمْأُ مِن الأَخْبَارِ ظَنٌّ بلا (٤) حَقيقةٍ ، وحَقَّقَهُ ، هكذا في غالب النُّسخ ، حتى جعلَه شيخُنا من الأَضداد ، وتَعَقَّب على المُؤلِّف في عدم التَّنْبِيه ، عليه ، والصحيح : خَمَّنَه ، بدليل ما في أُمَّهات اللغةِ كالمُحْكَم والنِّهاية ولسان العرب ، ورَمَّأَ الخَبَرَ : ظَنَّه وقَدَّرَه ، قال أَوس بن حَجَرٍ :
أَجْلَتْ مُرَمَّأَةُ الأَخْبَارِ إِذ وَلَدَتْ |
|
عَنْ يَوْمِ سَوْءٍ لِعَبْدِ القَيْسِ مَذْكُور |
قلت والتخمين : التقديرُ ، وهذا أَوْلَى مِن جعله من الأَضداد من غير سَنَدٍ يُعْتَمد عليه كما لا يخفى. [وأَرْمَأَ إِليه : دنا] (٥) وَمُرَمَّآتُ الأَخبارِ بتشديد الميم (٦) وفتحها جمع مُرَمَّأَةٍ ، ولو قال كمُعَظَّمات كان أَخصَرَ ، قاله شيخُنا ، ولكنه يَحصُل الاشتباهُ بصيغة الفاعل : أَباطِيلُها أَي أَكاذِيبُهَا ، ومن هنا تعلم أَن قوله وَحَقَّقه تَحرِيفٌ من الناسخ أَو سَهْوٌ من قلم المُؤَلِّف.
* ومما يستدرك عليه :
عن ابن الأَعرابيّ : رَمَأْتُ على الخمسين وأَرْمَأْت ، أَي : زِدت ، مثل رَمَيْتُ وأَرمَيْت. وأَرمَأْت إِليه : دَنَأْتُ ، كذا في العُباب.
[رنأ] : رَنأَ إِليه ، كجَعَل قالوا إِن أَصله الإِعلال ، كدَعَا ، ثُمَّ هَمزوه قياساً على رَثَأْت المرأَةُ زَوْجَها : نَظَرَ (٧) وهو يَرْنَأُ رَنْأً ، قال الكُميت يَصِف السهْمَ :
يُرِيد أَهْزَع حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ |
|
عِنْدَ الإِدَامَة حَتَّى يَرْنَأَ الطَّرَبُ |
الأَهزَع : السهْمُ. وحنَّانٌ : مُصَوِّت. والطَّرَبُ : السهْمُ نفسُه ، سمَّاهُ طرَباً لِتَصْوِيتِه إِذا دُوِّمَ ، أَي فُتِلَ بالأَصابع وقالوا : الطَّرِبُ : الرجُلَ ، لأَن السهم إِنما يُصَوِّت عند الإِدامة إِذا كان جَيِّداً ، وصاحبُه يَطرَب لِصوته وتأْخُذه له أَرْيَحِيَّةٌ ، ولذلك قال الكميت أَيضاً :
__________________
(١) قال الأصمعي : وأصل ذلك في الدم إذا قتل رجلٌ رجلاً فأخذ أهل المقتول الدية رقأ الدم ، أي ارتفع فلا يطالب به ، أي دم المقتول. (الفاخر ٣٩ ـ ٤٠).
(٢) البيت للكميت ، وهو في اللسان (رقأ ـ سمل).
(٣) زيادة عن القاموس.
(٤) اللسان : «فى».
(٥) زيادة عن القاموس.
(٦) في القاموس : بشد الميم.
(٧) في المقاييس : الراء والنون والحرف المعتل أصل واحد يدل على النظر ، يقال رنا يرنو ، إذا نظر ، رُنُوّاً.
وفي اللسان : رنأ : الرنْءُ : الصوت ، رَنأ يَرنَأ رَنْأً.