[حدأ] : الحِدَأَةُ كَعِنَبَةٍ : قال الجوهري والصاغاني : ولا تقل الحَدأَة بالفتح (١) طائرٌ م أَي معروف ، وكُنيته أَبو الخُطَّاف وأَبو الصَّلْت ، يصيد الجِرْذَانَ ، وكَان من أَصْيَد الجوارِح ، فانقطع عنه الصَّيْدُ لِدَعوة سيِّدنا سُليمانَ (٢) ، عليه وعلى نَبِيِّنا السلام ، ونقل أَبو حيان فيه الفَتْح عن العرب ، ونقل شُرَّاح الفَصيح عن ابن الأَعرابي أَنه يقال : جَدَأَة وحَدَأ بالفتح فيهما ، للفأْس وللطائر جميعاً ، وحكاه ابنُ الأَنبارِيّ أَيضاً ، وقال : الكسر في الطائر أَجود ج حِدَأٌ مثال حِبَرَة وحِبَرٍ وعِنَبَةٍ وعِنَبٍ ، وهو بناءٌ نادرٌ ، لأَن الأَغلب على هذا البناء لِجَمْعِ نَحْوِ قِرْدِ وقِرَدَة ، إِلا أَنه قد جاءَ للواحد ، وهو قَلِيل ، حققه الجوهريُّ ، وأَنشد الصاغاني للعجَّاج يَصِف الأَثَافِي :
فخَفَّ والجَنَادِلُ الثُّوِيُّ |
|
كَمَا تَدَانَى الحِدَأُ الأُوِيُّ |
ويجمع على حِدَاءٌ ككتابٍ ، قال ابن سيده : «وهو نادر» ، وأَنشد لِكُثَيِّر عَزَّةَ :
لَكَ الوَيْلُ مِنْ عَيْنَيْ خَبَيْبٍ وثَابِتٍ |
|
وحَمْزَةَ أَشْبَاهِ الحِدَاءِ التَّوَائِمِ |
وعلى حِدْآن ، بالكَسْرِ أَورده ابنُ قتيبة ، والحُدَّى كالعُزَّى ، وسيأْتي في حدد ، والحُدَيَّا كالثُّرَيَّا ، وسيأْتي في المعتلّ ، لغتان في هذا الطائر ، قال أَبو حاتم : أَهل الحجاز يُخْطِئون فيقولون لهذا الطائر الحُدَيَّا (٣) ، وهو خطأٌ.
قلت : وقد جاءَ في حديث أَعرابِيَّة في قِصَّة الوِشاح ، وهكذا قيَّده الأَصيلي. وجاءَ أَيضاً الحُدَيَّاة ، بغير همزٍ ، وفي بعض الروايات : الحُدَيِّئَة بالهمز ، كأَنه تَصغيرٌ ، ذكره الصاغاني في التكملة ، قال : وصواب تصغيره حُدَيْئَة ، وإِن أَلقيت حَركة الهمزة على الياء وشدَّدْتها قلتَ حُدَيَّة على مثال عُلَيَّة.
قال الدَّمِيري (٤) : وفي الحديث عن ابن عَبَّاسٍ «لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الحِدَوْ والإِفْعَوْ» ونقل عن الأَزهريّ أَنه قال : هي لغةٌ فيهما ، وقال ابن السرّاج : بل هي على مذهب الوَقْف على (٥) هذه اللغة قَلْب الأَلف واواً ، على لغة من قال حِدَا وأَفْعَى.
والحِدَأَة بالكسر سَالِفَةُ عُنُقِ الفَرَسِ وهي ما تَقدَّم مِن عنقه ، عن الأَصمعي وأَنشد :
طَوِيلُ الحِدَاءِ سَلِيمُ الشَّظَى |
|
كَرِيمُ المِرَاحِ صَلِيبُ الخَرَبْ |
الخَرَب : الشَّعر المُقشعِرُّ في الخاصرة.
والحَدَأَة بالتَّحْرِيك : الفأْسُ ذاتُ الرَّأْسَيْنِ وهو الأَفصح ، كما أَن الكسر في الطائر أَفصح ، وهذا على قول من قال إِن الكسر فيه لغة أَيضاً أَو هي رَأْسُ الفَأْس على التشبيه وهي أَيضاً نَصْلُ السَّهْمِ على التشبيه ج حَدَأٌ مثل قَصَبة وقَصَب ، عن الأَصمعيِّ ، وأَنشد للشَّمَّاخ يَصف إِبلاً حِدَاد الأَسنانِ :
يُبَاكِرْنَ العِضاهَ بِمُقْنَعَاتٍ |
|
نَوَاجِذُهُنَّ كَالحَدَإِ الوَقِيعِ |
شبّه أَسنانها بِفُؤوس قد حُدِّدتْ ، وحِدَاءٌ بالكسر ككتاب ، ورواه أَبو عبيدٍ عن الأَصمعيّ وأَبي عُبيدة (٦) ، وأَنشد بيت الشَّمّاخ بالكسر.
قلت : وهذا على قول من لم يُفَرِّق بينهما ، بل جعلهما واحداً وزعم الشرقيُّ بنُ القُطاميّ أَن حِدَاء وبُنْدُقَة قَبيلتَانِ وهما حِدَاءُ (٧) بنُ نَمرَةَ بن سَعْدِ العشيرة وبُنْدُقَةُ بن مَظَّهَ واسمه سُفْيان بن سَلْهَم بن الحَكَم بن سَعْدِ العَشيرة ، الأُولى بالكوفة والثانية باليمن ، أَغارت حِدَاء على بُنْدقة فنالت منهم ، ثم أَغارتْ بُنْدقة عليهم فأَبادَتْهم ، فكانت تُفَزّع بها ومنْهُ قولهم : حِدَأَ حِدَأَ وَرَاءَكَ بُنْدُقَةُ أَورده الميداني في مجمع
__________________
(١) في اللسان : الحِدَأة ولا يقال : حِداءة ، والجمع حِدَأَ مكسور الأول مهموز ، وحداء نادرة. والحَدَا مقصور شبه الفأس تنقر به الحجارة ، وهو محدد الطرف.
(٢) وهي : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) (سورة ص : ٣٥).
(٣) زيد في حياة الحيوان للدميري : على وزن الثريا.
(٤) عند الدميري : «وفي الحديث» وسقط عنده «عن ابن عباس» وفي اللسان : وروي عن ابن عباس.
(٥) عند الدميري : «لا على».
(٦) زيد في اللسان : أنهما قالا : يقال لها الحدأة بكسر الحاء على مثال عنبة ، وجمعها حَدَأُ.
(٧) اللسان : حِدَأ. وفي جمهرة ابن حزم : الحِدَأ. وانظر الاشتقاق ص ٤٠٩.