شمر عن أَبي عُبَيد (١) : وبَكَأَتِ الناقةُ تَبْكَأُ ، قال أَبو زِيد : كلُّ ذلك مَهموز بفتح فَسُكونِ. قال سَلَامة بن جَنْدَلٍ :
وَقَالَ مَحْبِسُهَا أَدْنَى لِمَرْتَعهَا |
|
وَلَوْ نُفَادِي بِبَكِئِ كُلِّ مَحْلُوبِ (٢) |
وزاد أَبو زَيْدِ فيه : البُكْءُ بالضَّمِّ وَبَكَاءَةً مُحَرَّكَةً ، كذا هو مضبوطٌ عندنا في النُّسخ ، وفي العُباب بالفتح والمدّ وَبُكُوءًا كقُعود ، وكلاهما مَصَدر بَكُؤَ بالضمّ وزاد أَبو زيد بُكَاءً على وزن غُرابٍ ، وفي بعض النسخ بضمٍّ فسُكون فهي أَي الناقة أَو الشاة بَكيءٌ وَبَكيِئَةٌ بالهاء وبدونها ، أَي قَلَّ لَبَنُها ، وقيل : إِذا انقطع ، وفي حديث عليٍّ «فَقَام إِلَى شَاةٍ بَكيِءٍ فَحَلَبها» ، وفي حديث عُمَر أَنه سأَل جَيْشاً : «هَلْ يَثْبُتُ (٣) لَكُم العَدُوُّ قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ بَكيِئَةٍ؟ فقالوا : نَعَمْ» وقال أَبُوُ مكْعِبٍ (٤) الأَسَدِيُّ :
فَلَيَضْرِبَنَّ المَرْءُ مَفْرِقَ مَاله |
|
ضَرْبَ الفَقَارِ بِمِعْوَلِ الجَزَّارِ |
وَلَيَأْزِلَنَّ وتَبْكُؤَنَّ لِقَاحُهُ |
|
وَيُعَلِّلَنَّ صَبِيَّهُ بِسَمَارِ (٥) |
ج بِكَاءٌ وبَكَايَا كَكِرَامٍ وخَطَايَا الأَخير على ترك الهمز.
وقال الليث : البَكْءُ (٦) نَبَاتٌ كالجِرْجيِرِ كَالبَكَا بالفتح مَقْصُورَةً معتلّة عند بعضهم واحِدَتُهما بِهاءٍ.
وفي العباب : التركيب يَدلُّ على نقصان الشيء وقِلَّتِه.
* ومما يستدرك عليه :
بَكَأَتْ (٧) عَيني وعُيون بِكَاءٌ : قلَّ دَمْعُها. وأَيْدٍ بِكَاءٌ : قلَّ عَطاؤُها. وأَبْكَأَ زيدٌ : صار ذا بُكاءٍ (٨) وقِلَّةِ خَيْرٍ. وقول الشاعر :
أَلَا بَكَرَتْ أُمُّ الكِلَابِ تَلُومُنِي |
|
تَقُولُ : أَلَا قَدْ أَبْكَأَ الدَّرَّ حَالِبُهْ |
زعم أَبو رِياشٍ أَنّ معناه : وَجَدَ الحالبُ الدَّرَّ بَكِيئاً ، كما نقول : أَحْمَدَه : وجَدَه حَميِداً ، وقال ابن سيِدَه : وقد يَجوز عندي أَن تَكون الهمزةُ لِتعديِة الفِعْلِ ، أَي جَعله بَكِيئاً ، غير أَني لم أَسْمع ذلك من أَحدٍ. وبَكُؤ (٩) الرجلُ بَكَاءَةً فهوَ بَكيءٌ من قوم بِكاءٍ. وفي رواية «نَحن مَعاشِرَ الأَنبياءِ فينا بَكْءٌ» (١٠) أَي قِلَّة الكَلامِ ، أَي إِلا فيما يُحْتَاج إِليه ، وَبَكِئَ الرجلُ كفَرِح : لم يُصِبْ حاجَته ، ويقال : رَكِيَّةٌ بَكِيَّة ، إِذا نَضَب ماؤُها ، قُلبت هَمزتُها للإِتباع.
[بوأ] : بَاءَ إِليه : رَجَعَ ومنه قوله تعالى : (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) قال الأَخفش : أَي رَجعوا (١١) أَي صارَ عليهم أَو انْقَطَع وفي بعض النسخ بالواو بدل أَو بُؤْتُ به إِليه وأَبَأْتُه وهذه عن ثَعلبٍ وبُؤْتُه عن الكِسائي (١٢) وهي قليلةٌ.
والبَاءَةُ بالمدِّ والبَاءُ بحذف الهاء ، والباهَة ، بإِبدال الهمزة هاءً ، والبَاهُ بالأَلف والهاء ، فهذه أَربعُ لغاتٍ بمعنى النِّكَاح لغةٌ في الباءَةِ ، وإِنما سُمِّيَ به لأَن الرجلَ يَتَبَؤَّأُ مِن أَهله ، أَي يَستمكِنُ منها كما يَتبوَّأُ (١٣) من داره ، كذا في العُباب وجامع القَزَّازِ والصِّحاح ، وجعل ابنُ قتيبةَ اللغةَ الأَخيرَةَ تَصحيفاً ، وفي الحديث «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فلْيَتَزَوَّجْ ، فإِنَّه أَغَضُّ للبَصَرِ وأَحْصَنُ لِلفَرْجِ ، وَمنْ لم يَستَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّه لَهُ وِجَاءٌ».
وقال يَصِف الحِمَار والأُتُنَ :
يُعَرِّسُ أَبْكَاراً بِهَا وَعُنَّسَا |
|
أَكْرَمُ عِرْسٍ بَاءَةً إِذْ أَعْرَسَا |
وقال ابن الأَنباريّ : يقال : فُلانٌ حَرِيصٌ على البَاءِ
__________________
(١) زيد في اللسان : عن أبي عمرو.
(٢) ديوانه والمفضليات والمقاييس واللسان (بكأ ـ عدا) وفيها : يقال .. ولو تعادى ببكءٍ ..».
(٣) النهاية واللسان : ثبت.
(٤) بالأصل : «مكعب» ما أثبتناه عن هامش اللسان (بكأ).
(٥) اللسان (بكأ ـ أزل ـ سمر) ، المجمل ، التكملة (بكأ) وفيها «فليأزلن».
(٦) اللسان : البُكءُ نبت كالجرجير ، واحدته بُكاءً.
(٧) الأساس : بَكُؤت.
(٨) الأساس : بَكْءٍ.
(٩) اللسان : وبَكَأَ.
(١٠) اللسان : بُكْءٌ وبُكاءٌ.
(١١) اللسان : رجعوا به.
(١٢) اللسان : كأَبَأْتُهُ.
(١٣) النهاية : «منزله» قال : يقال فيه الباءة والباء وقد يقصر ، وهو من المباءة : المنزل ، لأن من تزوج امرأة بوّأها منزلا.