أَفْعَلُ كذا ، لا يُرِيدُونَ يَومًا بعَيْنهِ ، ولكنَّهُم يُرِيدُونَ الوَقْتَ الحاضِرَ ، حكاه سِيبَوَيهِ ، ومنه قولُ اللهِ تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] وقِيلَ : مَعْنى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) أى : فرض ما تَحْتاجُونَ إليه فى دِينكم ، وذلك حَسَنٌ جائِزٌ ، وأما أن يَكُونَ دينُ الله فى وَقْتٍ من الأَوقَاتِ غيرَ كامِلٍ فلا ، وقالُوا : اليَومُ يَومُكَ ، يُرِيدُونَ التَّشنِيعَ وتَعظِيمَ الأَمرِ ، واليَوْمُ الأَيْوَمُ : آخِرُ يَوْمٍ فى الشَّهْرِ ، ويَوْمٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ ووَوِمٌ. الأَخيرَةُ نادِرَةٌ ؛ لأن القِياسَ لا يُوجِبُ قَلْبَ الياءِ واوًا ـ كُلُّه طَوِيلٌ شَدِيدٌ هائِلٌ ، ويَوْمٌ ذُو أَيَاوِيمَ كذلِكَ ، وقولُهُ :
*مَرْوَانُ يا مَرْوَانُ للِيَومِ اليَمِى* (١)
ورواهُ ابنُ جِنِّى :
*مَرْوَانُ مَرْوَانُ أَخُو اليَومِ اليَمِى*
وقال : أرادَ أخو اليومِ السَّهْلِ اليَومُ الصَعْبُ ، يقال : يَومٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ ، كَأَشعَثَ وشَعِثٍ ، فَقَلَبَ فصار يَمِوْ ، فانقَلَبَتِ العَيْن لانكسارِ ما قَبْلها طَرفًا ، والآخَرُ أنه أرادَ أَخُو اليومِ اليَومُ ، كما يُقالُ عند الشِّدِّةِ والأَمْرِ العَظيمِ : اليَومُ اليَومُ ، فُقِلبَ فصارَ اليَمْوُ ثم نَقَلَهُ من فَعْلٍ إلى فَعِلٍ ، كما أنشَدَهُ أبو زَيدٍ مِن قولهِ :
عَلامَ قَتْلُ مُسْلِمٍ تَعَبَّدَا (٢) |
|
مُذْ خَمْسَةٌ (٣) وخَمِسُونَ عَدَدَا(٤) |
[يُرِيدُ :](٥) خَمْسُونَ ، فلما انكسَرَ ما قبل الواوِ قُلِبَتْ ياءً فصارَ : اليَمِىْ ، قال ابنُ جِنّى : ويجوزُ عندى فيه وَجْهٌ ثَالِثٌ لم يُقَلْ به وهو : أن يكونَ أَصْلُهُ على ما قِيلَ فى المَذْهَبِ الثَّانى : أَخُو اليَوْمِ اليَوْمُ ، ثم قُلِبَ فصارَ اليَمْوُ ، ثم نُقِلَتِ الضمَّةُ إلى المِيمِ على حَدِّ قولِكَ : هذا بَكُرْ ، فصارت اليَمُوْ ، فلما وقعت الواوُ طَرَفًا بَعْدَ ضَمَّةٍ فى الاسمِ أَبْدَلُوا من الضَّمَّةِ كَسْرَةً ، ثم من الوَاوِ ياءً فصارَتِ اليَمِىْ كأَحْقِى وأَدْلِى (٦) ، وقالَ غَيْرُهُ : هو فَعِلٌ ، أى الشَّدِيدُ ،
__________________
(١) الرجز لأبى الأخزر الحمانى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٢٧ ، ولسان العرب (كرم) ، (يوم) ، (ثأى) ، وتاج العروس (كرم).
(٢) كتب فوقها فى الأصل المخطوط : « تَعمُّدا ».
(٣) كذا فى المخطوط ، وفى اللسان (يوم) : (خمسةٍ).
(٤) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (خمس) ، (يوم) ، والخصائص ٢ / ٧٧ ، والدرر ٦ / ٢٣٢ ، والمحتسب ١ / ٨٦ ، ونوادر أبى زيد ص ١٦٥ ، وتاج العروس خمس.
(٥) من اللسان. وفى المخطوط : (يريدون).
(٦) كذا فى الأصل المخطوط ، وفى اللسان (يوم) : كأحقٍ وأدلٍ.