بإنْ ، وشَبَهُ اللفظ بينهما يُصَيِّرُ ما المصدرية إلى أنها كأنَّها « ما » التى معناها النفى ، أفلا ترى أنك لو لم تجذب إحداهما إلى أنها كأنها بمعنى الأخرى لم يَجُزْ لك إلحاق إِنْ بها؟
قال سيبويه : وقولهم : افعل كذا وكذا إمَّا لا ، ألزموها « ما » عوضًا ، وهذا أحرى إذ كانوا يقولون آثِرًا ما ، فيُلزمون ما ، شبهوها بما يَلْزَمُ من النونات فى لأفعلنَّ ، واللامِ فى إن كان ليفعل ، وإن كان ليس مثلَه ؛ وإنما هو شاذ.
وتكون للشرط نحو : إِنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ.
وحكى ابن جنى عن قُطْرُبٍ : أن طَيِّئًا تقول : هِنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ ، يريدون : إنْ ، فيبدلون.
وتكون زائدة مع ما النافية ، وحكى ثعلب : أعْطهِ إنْ شاء ؛ أى : إذا شاء ، ولا تُعْطِهِ إنْ شاء ، معناه : إذا شاء فلا تعطه.
وأَنْ تنصب الأفعال المضارعة ما لم تكن فى معنى أَنَّ.
قال سيبويه : وقولهم أمَّا أنت منطلقًا انطلقت معك ؛ إنما هى أَنْ ضُمَّتْ إليها (ما) وهى « ما » التوكيد ، ولزمت كراهيةَ أن يجحفوا بها ؛ لتكونَ عِوَضًا من ذهاب الفعل كما كانت الهاء والألف عوضًا فى الزنادقة ، واليمانى من الياء.
فأما قول الشاعر :
تَعَرَّضَتْ لِى بمكانٍ حِلِ |
|
تَعَرُّضَ المُهْرَةِ فى الطِّوَلِ |
تَعَرُّضًا لَمْ يأْلُ عَنْ قَتْلاً لِى (١) |
فإنه أراد « لم يألُ أنْ قتلاً لى » أى : أن قتلنى قتلاً ؛ فأبدل العين مكان الهمزة ، وهذه عَنْعَنَةُ تميم ، وقد تقدمت ، ويجوز أن يكون أراد الحكاية ، كأنه حكى النصب الذى كان معتادًا من قولها فى بابه ، أى : كانت تقول قتلاً قتلاً ، أى أنا أقتله قتلاً ، ثم حكى ما كانت تَلْفِظُ به.
وقوله :
إنِّى زَعِيمٌ يا نُويْ |
|
قَةُ إِنْ نَجوْتِ مِنَ الرَّوَاحِ |
أَنْ تَهْبِطيِنَ بِلادَ قَوْ |
|
مٍ يُرْتِعُونَ مَعَ الطِّلَاحِ(٢) |
__________________
(١) الرجز لمنظور بن مرثد الأسدى فى لسان العرب فى (طول) ، (قتل) ، وتاج العروس (عرض) ، (طول) ، بتقديم وتأخير فى اللسان.
(٢) البيتان بلا نسبة فى لسان العرب (زوح) ، (طلح) ، (أنن) ، وتاج العروس (زوح) ، (طلح).