دعوته ويرضي به قومه المعاندين ففكر فيه أيقول : شعر أو كهانة أو هذرة جنون أو أسطورة فقدر أن يقول : سحر من كلام البشر لأنه يفرق بين المرء وأهله وولده ومواليه.
وقوله : « فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ » دعا عليه على ما يعطيه السياق نظير قوله : « قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ » التوبة ٣٠.
وقوله : « ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ » تكرار للدعاء تأكيدا.
قوله تعالى : « ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ » تمثيل لحاله بعد التكفير والتقدير وهو من ألطف التمثيل وأبلغه.
فقوله : « ثُمَّ نَظَرَ » أي ثم نظر بعد التفكير والتقدير نظرة من يريد أن يقضي في أمر سئل أن ينظر فيه ـ على ما يعطيه سياق التمثيل ـ.
وقوله : « ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ » العبوس تقطيب الوجه ، قال في المجمع : وعبس يعبس عبوسا إذا قبض وجهه والعبوس والتكليح والتقطيب نظائر وضدها الطلاقة والبشاشة ، وقال : والبسور بدء التكره في الوجه انتهى ، فالمعنى ثم قبض وجهه وأبدا التكره في وجهه بعد ما نظر.
وقوله : « ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ » الإدبار عن شيء الإعراض عنه ، والاستكبار الامتناع كبرا وعتوا ، والأمران أعني الإدبار والاستكبار من الأحوال الروحية ، وإنما رتبا في التمثيل على النظر والعبوس والبسور وهي أحوال صورية محسوسة لظهورهما بقوله : « إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ » إلخ ، ولذا عطف قوله : « فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ » بالفاء دون « ثُمَ ».
وقوله : « فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ » أي أظهر إدباره واستكباره بقوله مفرعا عليه : « إِنْ هذا ـ أي القرآن ـ إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ » أي يروي ويتعلم من السحرة.
وقوله : « إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ » أي ليس بكلام الله كما يدعيه محمد صلىاللهعليهوآله.
قيل : إن هذه الآية كالتأكيد للآية السابقة وإن اختلفتا معنى لأن المقصود منهما نفي كونه قرآنا من كلام الله ، وباعتبار الاتحاد في المقصود لم تعطف الجملة على الجملة.
قوله تعالى : « سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ » أي سأدخله سقر وسقر من أسماء جهنم في القرآن أو دركة من دركاتها ، وجملة