وقد عد كثير منهم قوله : « فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ ـ إلى قوله ـ لِجَهَنَّمَ حَطَباً » تتمة لكلام الجن يخاطبون به قومهم وقيل : إنه من كلامه تعالى يخاطب به النبي صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : « وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ » « أَنْ » مخففة من الثقيلة ، والمراد بالطريقة طريقة الإسلام ، والاستقامة عليها لزومها والثبات على ما تقتضيه من الإيمان بالله وآياته.
والماء الغدق الكثير منه ، ولا يبعد أن يستفاد من السياق أن قوله : « لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً » مثل أريد به التوسعة في الرزق ، ويؤيده قوله بعده : « لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ».
والمعنى : وأنه لو استقاموا أي الجن والإنس على طريقة الإسلام لله لرزقناهم رزقا كثيرا لنمتحنهم في رزقهم فالآية في معنى قوله : « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ » الأعراف ٩٦.
والآية من كلامه تعالى معطوف على قوله في أول السورة : « أَنَّهُ اسْتَمَعَ » إلخ.
قوله تعالى : « وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً » العذاب الصعد هو الذي يتصعد على المعذب ويغلبه ، وقيل : هو العذاب الشاق.
والإعراض عن ذكر الله لازم عدم الاستقامة على الطريقة وهو الأصل في سلوك العذاب ، ولذا وضع موضعه ليدل على السبب الأصلي في دخول النار.
وهو الوجه أيضا في الالتفات عن التكلم مع الغير إلى الغيبة في قوله : « ذِكْرِ رَبِّهِ » وكان مقتضى الظاهر أن يقال : ذكرنا وذلك أن صفة الربوبية هي المبدأ الأصلي لتعذيب المعرضين عن ذكره تعالى فوضعت موضع ضمير المتكلم مع الغير ليدل على المبدإ الأصلي كما وضع الإعراض عن الذكر موضع عدم الاستقامة ليدل على السبب.
قيل : وقوله : « يَسْلُكْهُ » مضمن معنى يدخله ولذا عدي إلى المفعول الثاني ، والمعنى ظاهر.
( بحث روائي )
في المجمع ، روى الواحدي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله على الجن وما رآهم ، انطلق رسول الله صلىاللهعليهوآله في طائفة من أصحابه ـ عامدين إلى