( بحث روائي )
في تفسير القمي في قوله تعالى : « وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها » قال : خلقها وصورها.
وفي المجمع ، وروى زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : « فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها » قال : بين لها ما يأتي وما يترك ، وفي قوله تعالى : « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها » قال : قد أفلح من أطاع « وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها » قال : قد خاب من عصى.
وفي الدر المنثور ، أخرج أحمد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين أن رجلا قال : يا رسول الله ـ أرأيت ما يعمل الناس اليوم ـ ويكدحون فيه شيء قد قضي عليهم ـ ومضى عليهم في قدر قد سبق؟ أو فيما يستقبلون به نبيهم واتخذت عليهم به الحجة؟ قال : بل شيء قضي عليهم.
قال : فلم يعملون إذا؟ قال : من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين هيأه لعملها ـ وتصديق ذلك في كتاب الله « وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ».
أقول : قوله : أو فيما يستقبلون إلخ الظاهر أن الهمزة فيه للاستفهام والواو للعطف والمعنى وهل في طاعتهم لنبيهم قضاء من الله وقدر قد سبق؟ وقوله : فلم يعملون إذا ، أي فما معنى عملهم واستناد الفعل إليهم.؟
وقوله صلىاللهعليهوآله : من كان الله إلخ معناه أن وجوب صدور الفعل حسنة أو سيئة منهم بالنظر إلى القضاء والقدر السابقين لا ينافي إمكان صدوره بالنظر إلى الإنسان واختياره ، وقد اتضح ذلك في الأبحاث السابقة من الكتاب مرارا.
وفيه ، أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها » الآية أفلحت نفس زكاها الله ـ وخابت نفس خيبها الله من كل خير.
أقول : انتساب التزكية والتخييب إليه تعالى بوجه لا ينافي انتسابهما بالطاعة والمعصية إلى الإنسان.
وإنما ينتسب إلى الله سبحانه من الإضلال ما كان على طريق المجازاة كما قال : « وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ » البقرة : ٢٦.