وذلك أنه لما اطمأن إلى ربه انقطع عن دعوى الاستقلال ورضي بما هو الحق من ربه فرأى ذاته وصفاته وأفعاله ملكا طلقا لربه فلم يرد فيما قدر وقضى ولا فيما أمر ونهي إلا ما أراده ربه ، وهذا ظهور العبودية التامة في العبد ففي قوله : « فَادْخُلِي فِي عِبادِي » تقرير لمقام عبوديتها.
وفي قوله : « وَادْخُلِي جَنَّتِي » تعيين لمستقرها ، وفي إضافة الجنة إلى ضمير التكلم تشريف خاص ، ولا يوجد في كلامه تعالى إضافة الجنة إلى نفسه تعالى وتقدس إلا في هذه الآية.
( بحث روائي )
في المجمع في قوله تعالى : « وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ » ، وقيل : الشفع الخلق لأنه قال : « وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً » والوتر الله تعالى ، عن عطية العوفي وأبي صالح وابن عباس ومجاهد وهي رواية أبي سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وقيل : الشفع والوتر الصلاة منها شفع ومنها وتر : وهي رواية عن ابن حصين عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وقيل : الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة : عن ابن عباس وعكرمة والضحاك ، وهي رواية جابر عن النبي صلىاللهعليهوآله والوجه فيه أن يوم النحر يشفع بيوم نفر بعده ويتفرد يوم عرفة بالموقف ، وقيل : الشفع يوم التروية والوتر يوم عرفة : وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام.
أقول : الروايات الثلاث المشار إليها مروية عن النبي صلىاللهعليهوآله من طرق أهل السنة ويمكن الجمع بينها بأن المراد مطلق الشفع والوتر والروايات من قبيل الإشارة إلى بعض المصاديق.
وفي تفسير القمي : « وَلَيالٍ عَشْرٍ » قال : عشر ذي الحجة « وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ » قال : الشفع ركعتان والوتر ركعة ، وفي حديث : الشفع الحسن والحسين ـ والوتر أمير المؤمنين عليهالسلام « وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ » قال : هي ليلة جمع.
وفيه ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « لِذِي حِجْرٍ » يقول : لذي عقل.
وفي العلل ، بإسناده إلى أبان الأحمر قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عز وجل : « وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ » لأي شيء سمي ذا الأوتاد؟ فقال : لأنه كان إذا عذب رجلا ـ بسطه على الأرض على وجهه ومد يديه ورجليه ـ فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض.
وربما بسطه على خشب منبسط ـ فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ـ ثم تركه على حاله حتى يموت ـ فسماه الله عز وجل فرعون ذا الأوتاد.