فقوله : « فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ » أي محي أثرها من النور وغيره ، والطمس إزالة الأثر بالمحو قال تعالى : « وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ » التكوير : ٢.
وقوله : « وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ » أي انشقت ، والفرج والفرجة الشق بين الشيئين قال تعالى : « إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ » الانشقاق : ١.
وقوله : « وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ » أي قلعت وأزيلت من قولهم : نسفت الريح الشيء أي اقتلعته وأزالته قال تعالى : « وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً » طه : ١٠٥.
وقوله : « وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ » أي عين لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على الأمم أو بلغت الوقت الذي تنتظره لأداء شهادتها على الأمم من التأقيت بمعنى التوقيت ، قال تعالى : « فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ » الأعراف : ٦ ، وقال : « يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ » المائدة : ١٠٩.
قوله تعالى : « لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ـ إلى قوله ـ لِلْمُكَذِّبِينَ » الأجل المدة المضروبة للشيء ، والتأجيل جعل الأجل للشيء ، ويستعمل في لازمه وهو التأخير كقولهم : دين مؤجل أي له مدة بخلاف الحال وهذا المعنى هو الأنسب للآية ، والضمير في « أُجِّلَتْ » للأمور المذكورة قبلا من طمس النجوم وفرج السماء ونسف الجبال وتأقيت الرسل ، والمعنى لأي يوم أخرت يوم أخرت هذه الأمور.
واحتمل أن يكون « أُجِّلَتْ » بمعنى ضرب الأجل للشيء وأن يكون الضمير المقدر فيه راجعا إلى الرسل ، أو إلى ما يشعر به الكلام من الأمور المتعلقة بالرسل مما أخبروا به من أحوال الآخرة وأهوالها وتعذيب الكافرين وتنعيم المؤمنين فيها ، ولا يخلو كل ذلك من خفاء.
وقد سيقت الآية والتي بعدها أعني قوله : « لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ » في صورة الاستفهام وجوابه للتعظيم والتهويل والتعجيب وأصل المعنى أخرت هذه الأمور ليوم الفصل.
وهذا النوع من الجمل الاستفهامية في معنى تقدير القول ، والمعنى أن من عظمة هذا اليوم وهوله وكونه عجبا أنه يسأل فيقال : لأي يوم أخرت هذه الأمور العظيمة الهائلة العجيبة فيجاب : ليوم الفصل.
وقوله : « لِيَوْمِ الْفَصْلِ » هو يوم الجزاء الذي فيه فصل القضاء قال تعالى : « إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ » الحج : ١٧.