ويتوجه عليه أنه ما وجه الكرم في أن يعرف صلىاللهعليهوآله ما قاله من تحريم مارية ويعرض عما أخبرها من ولايتهما مع أن العكس أولى وأقرب.
وقد روي بعده طرق عن عمر بن الخطاب سبب نزول الآيات ولم يذكر ذلك
ففي عدة من جوامع الحديث منها البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عباس قال : لم أزل حريصا أن أسأل عمر ـ عن المرأتين من أزواج النبي اللتين قال الله : « إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما » حتى حج عمر وحججت معه ـ فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة ـ فتبرز ثم أتى فصببت على يديه فتوضأ.
فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان ـ من أزواج النبي صلىاللهعليهوآله اللتان قال الله : « إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما » فقال : وا عجبا لك يا ابن عباس ـ هما عائشة وحفصة ثم أنشأ يحدثني.
فقال : كنا معشر قريش نغلب النساء ـ فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ـ فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ـ فغضبت على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني ـ فأنكرت أن تراجعني فقالت : ما تنكر من ذلك؟ فو الله إن أزواج النبي صلىاللهعليهوآله ليراجعنه ـ وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. قلت : قد خابت من فعلت ذلك منهن وخسرت.
قال : وكان منزلي بالعوالي ـ وكان لي جار من الأنصار ـ كنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فينزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره ـ وأنزل يوما فآتيه بمثل ذلك.
قال : وكنا نحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا ـ فجاء يوما فضرب على الباب فخرجت إليه ـ فقال : حدث أمر عظيم. فقلت : أجاءت غسان؟ قال : أعظم من ذلك طلق رسول الله صلىاللهعليهوآله نساءه. قلت في نفسي : قد خابت حفصة وخسرت ـ قد كنت أرى ذلك كائنا ـ فلما صلينا الصبح شددت علي ثيابي ـ ثم انطلقت حتى دخلت على حفصة ـ فإذا هي تبكي فقلت : أطلقكن رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قالت : لا أدري هو ذا معتزل في المشربة ـ فانطلقت فأتيت غلاما أسود ـ فقلت : استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي ـ فقال : قد ذكرتك له فلم يقل شيئا ـ فانطلقت إلى المسجد ـ فإذا حول المسجد نفر يبكون فجلست إليهم.
ثم غلبني ما أجد فانطلقت فأتيت الغلام ـ فقلت : استأذن لعمر فدخل ثم خرج ـ فقال : قد ذكرتك له فلم يقل شيئا ـ فوليت منطلقا فإذا الغلام يدعوني ـ فقال : ادخل فقد أذن لك ـ فدخلت فإذا النبي صلىاللهعليهوآله متكئ على حصير ـ قد رأيت أثره في جنبه ـ فقلت : يا رسول الله