يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦).
( بيان )
الآيات تفصل ما ينتهي إليه حال كل واحد من الأزواج الثلاثة يوم القيامة.
قوله تعالى : « أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ » الإشارة بأولئك إلى السابقين ، و « أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » مبتدأ وخبر ، والجملة استئنافية ، وقيل : خبر لقوله : « وَالسَّابِقُونَ » ، وقيل : مبتدأ خبره في جنات النعيم ، وأول الوجوه الثلاثة أوجه بالنظر إلى سياق تقسيم الناس إلى ثلاثة أزواج أولا ثم تفصيل ما ينتهي إليه أمر كل منهم.
والقرب والبعد معنيان متضائفان تتصف بهما الأجسام بحسب النسبة المكانية ثم توسع فيهما فاعتبرا في غير المكان من الزمان ونحوه ، يقال : الغد قريب من اليوم والأربعة أقرب إلى الثلاثة من الخمسة ، والخضرة أقرب إلى السواد من البياض ثم توسع فيهما فاعتبرا في غير الأجسام والجسمانيات من الحقائق.
وقد اعتبر القرب وصفا له تعالى بما له من الإحاطة بكل شيء ، قال تعالى : « وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ » البقرة : ١٨٦ ، وقال : « وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ » الواقعة : ٨٥ ، وقال : « وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » ق : ١٦. وهذا المعنى أعني كونه تعالى أقرب إلى الشيء من نفسه أعجب ما يتصور من معنى القرب ، وقد أشرنا إلى تصويره في تفسير الآية.