الهدى وسعادة الحياة الآخرة وهي خير وأبقى.
قوله تعالى : « أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ » الآية إلى تمام سبع آيات إيضاح لمضمون الآية السابقة ـ وهو أن إيثار اتباع الهدى أولى من تركه والتمتع بمتاع الحياة الدنيا ـ ببيان آخر فيه مقايسة حال من اتبع الهدى وما يلقاه من الوعد الحسن الذي وعده الله ، من حال من لم يتبعه واقتصر على التمتع من متاع الحياة الدنيا وسيستقبله يوم القيامة الإحضار وتبري آلهته منه وعدم استجابتهم لدعوته ومشاهدة العذاب والسؤال عن إجابتهم الرسل.
فقوله : « أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ » الاستفهام إنكاري ، والوعد الحسن هو وعده تعالى بالمغفرة والجنة كما قال تعالى : « وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ » المائدة : ٩ ، ولا يكذب وعده تعالى قال : « أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ » يونس : ٥٥.
وقوله : « كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا » أي وهو محروم من ذلك الوعد الحسن لاقتصاره على التمتع بمتاعها ، والدليل على هذا التقييد المقابلة بين الوعد والتمتيع.
وقوله : « ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ » أي للعذاب ، أو للسؤال والمؤاخذة و « ثُمَ » للترتيب الكلامي وإتيان الجملة اسمية كما فيما يقابلها من قوله : « فَهُوَ لاقِيهِ » للدلالة على التحقق.
قوله تعالى : « وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ » الشركاء هم الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا وكونهم شركاء عندهم لكونهم يعطونهم أو ينسبون إليهم بعض ما هو من شئونه تعالى كالعبادة والتدبير ، وفي قوله : « يُنادِيهِمْ » إشارة إلى بعدهم وخذلانهم يومئذ.
قوله تعالى : « قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا » آلهتهم الذين يرونهم شركاء لله سبحانه صنفان صنف منهم عباد لله مكرمون كالملائكة المقربين وعيسى بن مريم عليهالسلام ، وصنف منهم كعتاة الجن ومدعي الألوهية من الإنس كفرعون ونمرود وغيرهما وقد ألحق الله سبحانه بهم كل مطاع في باطل