هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » إسراء : ١٠٢.
وذكر بعضهم أن قوله : « ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي » من قبيل نفي المعلوم بنفي العلم فيما لو كان لبان فيكون نظير قوله : « قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ » يونس : ١٨ وأنت خبير بأنه لا يلائم ذيل الآية.
قوله تعالى : « وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ » أي كانت حالهم حال من يترجح عنده عدم الرجوع وذلك أنهم كانوا موقنين في أنفسهم كما قال تعالى : « وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا ».
قوله تعالى : « فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ » إلخ النبذ الطرح ، واليم البحر والباقي ظاهر.
وفي الآية من الاستهانة بأمرهم وتهويل العذاب الواقع بهم ما لا يخفى.
قوله تعالى : « وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ » الدعوة إلى النار هي الدعوة إلى ما يستوجب النار من الكفر والمعاصي لكونها هي التي تتصور لهم يوم القيامة نارا يعذبون فيها أو المراد بالنار ما يستوجبها مجازا من باب إطلاق المسبب وإرادة سببه.
ومعنى جعلهم أئمة يدعون إلى النار ، تصييرهم سابقين في الضلال يقتدي بهم اللاحقون ولا ضير فيه لكونه بعنوان المجازاة على سبقهم في الكفر والجحود وليس من الإضلال الابتدائي في شيء.
وقيل : المراد بجعلهم أئمة يدعون إلى النار تسميتهم بذلك على حد قوله : « وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً » الزخرف : ١٩.
وفيه أن الآية التالية على ما سيجيء من معناها لا تلائمه. على أن كون الجعل في الآية المستشهد بها بمعنى التسمية غير مسلم.
وقوله : « وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ » أي لا تنالهم شفاعة من ناصر.
قوله تعالى : « وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ » بيان للازم ما وصفهم به في الآية السابقة فهم لكونهم أئمة يقتدي بهم من خلفهم في الكفر والمعاصي لا يزال يتبعهم ضلال الكفر والمعاصي من مقتديهم ومتبعيهم وعليهم من الأوزار مثل ما للمتبعين فيتبعهم لعن مستمر باستمرار الكفر والمعاصي بعدهم.