بالنسيان ، وما قيل : أي فارغا من كل شيء إلا ذكر موسى أي صار فارغا له. فإنها جميعا وجوه لا يحتمل شيئا منها السياق.
ونظير ذلك في الضعف قولهم : إن جواب لو لا محذوف والتقدير لو لا أن ربطنا على قلبها لأبدته وأظهرته ، والوجه في تقديرهم ذلك ما قيل : إن لو لا شبيهه بأدوات الشرط فلها الصدر ولا يتقدم جوابها عليها. وقد تقدمت المناقشة فيه في الكلام على قوله تعالى : « وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ » يوسف : ٢٤.
قوله تعالى : « وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ » قال في المجمع : القص اتباع الأثر ومنه القصص في الحديث لأنه يتبع فيه الثاني الأول.
وقال : ومعنى بصرت به عن جنب أبصرته عن جنابة أي عن بعد. انتهى.
والمعنى : وقالت أم موسى لأخته اتبعي أثر موسى حتى ترين إلام يئول أمره فرأته عن بعد وقد أخذه خدم فرعون وهم لا يشعرون بأنها تقصه وتراقبه.
قوله تعالى : « وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ » التحريم في الآية تكويني لا تشريعي ومعناه جعله بحيث لا يقبل ثدي مرضع ويمتنع من ارتضاعها.
وقوله : « مِنْ قَبْلُ » أي من قبل حضورها هناك ومجيئها إليهم والمراضع جمع مرضعة كما قيل.
وقوله : « فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ » تفريع على ما تقدمه غير أن السياق يدل على أن هناك حذفا كأنه قيل : وحرمنا عليه المراضع غير أمه من قبل أن تجيء أخته فكلما أتوا له بمرضع لترضعه لم يقبل ثديها فلما جاءت أخته ورأت الحال قالت عند ذلك لآل فرعون : هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لنفعكم وهم له ناصحون؟.
قوله تعالى : « فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ » تفريع على ما تقدمه مع تقدير ما يدل عليه السياق ، والمحصل أنها قالت : هل أدلكم على أهل بيت كذا فأنعموا لها بالقبول فدلتهم على أمه فسلموه إليها فرددناه إلى أمه بنظم هذه الأسباب.