قوله تعالى إخبارا عنهم : « دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » يونس : ١٠ فهدايتهم إلى الطيب من القول تيسيره لهم ، وهدايتهم إلى صراط الحميد والحميد من أسمائه تعالى أن لا يصدر عنهم إلا محمود الفعل كما لا يصدر عنهم إلا طيب القول.
وبين هذه الآية وقوله : « كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ » مقابلة ظاهرة.
( بحث روائي )
في التوحيد ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليهالسلام في حديث : قال عليهالسلام : سلوني قبل أن تفقدوني فقام إليه الأشعث بن قيس ـ فقال يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ـ ولم ينزل إليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ قال : بلى يا أشعث قد أنزل الله إليهم كتابا وبعث إليهم رسولا ـ حتى كان لهم ملك سكر ذات ليلة ـ فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها.
فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه ـ فقالوا : أيها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته ـ فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا قولي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت ـ وإلا فشأنكم فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم أن الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء؟ قالوا : صدقت أيها الملك قال : أوليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا : صدقت هذا هو الدين ـ فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم ـ ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب ـ والمنافقون أشد حالا منهم. قال الأشعث. والله ما سمعت بمثل هذا الجواب ، والله لا عدت إلى مثلها أبدا.
أقول : قوله : « والمنافقون أشد حالا منهم » فيه تعريض للأشعث وفي كون المجوس من أهل الكتاب روايات أخر فيها أنهم كان لهم نبي فقتلوه وكتاب فأحرقوه.
وفي الدر المنثور : في قوله تعالى : « إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ » : أخرج ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة ، والخلعي في فوائده ، عن علي : أنه قيل له : إن هاهنا رجلا يتكلم