الضمير في « قالَ » للنبي صلىاللهعليهوآله والآية حكاية قول النبي صلىاللهعليهوآله عن دعوتهم إلى الحق وردهم له وتوليهم عنه فكأنه صلىاللهعليهوآله لما دعاهم وبلغ إليهم ما أمر بتبليغه فأنكروا وشددوا فيه أعرض عنهم إلى ربه منيبا إليه وقال : « رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ » وتقييد الحكم بالحق توضيحي لا احترازي فإن حكمه تعالى لا يكون إلا حقا فكأنه قيل : رب احكم بحكمك الحق والمراد ظهور الحق لمن كان وعلى من كان.
ثم التفت صلىاللهعليهوآله إليهم وقال : « وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ » وكأنه يشير به إلى سبب إعراضه عنهم ورجوعه إلى الله سبحانه وسؤاله أن يحكم بالحق فهو سبحانه ربه وربهم جميعا فله أن يحكم بين مربوبيه ، وهو كثير الرحمة لا يخيب سائله المنيب إليه ، وهو الذي يحكم لا معقب لحكمه وهو الذي يحق الحق ويبطل الباطل بكلماته فهو صلىاللهعليهوآله في كلمته : « رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ » راجع الذي هو ربه وربهم وسأله برحمته أن يحكم بالحق واستعان به على ما يصفونه من الباطل وهو نعتهم دينهم بما ليس فيه وطعنهم في الدين الحق بما هو بريء من ذلك.
وقد ظهر بما تقدم بعض ما في مفردات الآية الكريمة من النكات كالالتفات من الخطاب إلى الغيبة في « قالَ » والتعبير عنه تعالى أولا بربي وثانيا بربنا وتوصيفه بالرحمن والمستعان إلى غير ذلك.
( بحث روائي )
وفي المجمع : في قوله تعالى : « وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها » الآية : روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : كل قرية أهلكها الله بعذاب ـ فإنهم لا يرجعون.
وفي تفسير القمي ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لما نزلت هذه الآية يعني قوله : « إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ » ـ وجد منها أهل مكة وجدا شديدا ـ فدخل عليهم عبد الله بن الزبعري وكفار قريش يخوضون في هذه الآية ، فقال ابن الزبعري : أمحمد تكلم بهذه الآية؟ فقالوا : نعم قال ابن الزبعري : لئن اعترف بها ـ لأخصمنه فجمع بينهما.