وأما ما وقع في
الحديث من سخط رسول الله صلىاللهعليهوآله على علي عليهالسلام في إرادته خطبة بنت أبي جهل على فاطمة عليهالسلام فإشارة إلى ما في صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، بعدة طرق
عن المسور بن مخرمة ولفظ بعضها : أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل ـ وعنده
فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلىاللهعليهوآله فقالت له : إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك ـ وهذا
علي ناكحا ابنة أبي جهل ، قال المسور : فقام النبي صلىاللهعليهوآله فسمعته حين تشهد ـ ثم قال : أما بعد فإني أنكحت أبا
العاص بن الربيع ـ فحدثني فصدقني وأن فاطمة مضغة مني ـ وإنما أكره أن يفتنوها ـ وإنها
والله لا تجتمع بنت رسول الله ـ وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا. قال : فترك علي
الخطبة.
والإمعان في
التأمل فيما يتضمنه الحديث يوجب سوء الظن به فإن فيه طعنا صريحا في النبي صلىاللهعليهوآله فلو كان ما يتضمنه حقا كانت السخطة منه صلىاللهعليهوآله نزعة جاهلية من غير مجوز يجوزها له فبما ذا كان يسخط
عليه؟ أبقوله تعالى : «
فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ » الآية ، وهو عام لم ينسخ ولم يخصص بآية أخرى خاصة بها؟
أم بشيء من السنة يخصص الآية بفاطمة عليهالسلام ويشرع فيها خاصة حكما شخصيا بالتحريم فلم يثبت ولم يبلغ
قبل ذلك ، وفي لفظ الحديث دلالة على ذلك أم أن نفس هذا القول بيان وتبليغ
فلم يبين ولم يبلغ قبل ذلك ولا بأس بمخالفة الحكم قبل بلوغه ولا معصية فيها ، فما
معنى سخطه صلىاللهعليهوآله على من لم يأت بمعصية ولا عزم عليها ، وساحته صلىاللهعليهوآله منزهة من هذه الشيم الجاهلية ، وكأن بعض رواة الحديث
أراد به الطعن في علي عليهالسلام فطعن في النبي صلىاللهعليهوآله من حيث لا يشعر.
على أنه يناقض
الروايات القطعية الدالة على نزاهة ساحة علي عليهالسلام من المعصية كخبر الثقلين وخبر المنزلة وخبر علي مع الحق
والحق مع علي ، إلى غير ذلك.
وفي الكافي ،
والعلل ، مسندا عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليهالسلام : في قول الله
__________________