وتضيء ما حولها مثلا ، ثم انتقل الاسم إلى مثل الشموع والمصابيح النفطية ولم يزل ينتقل من مصداق إلى مصداق حتى استقر اليوم في السراج الكهربائي الذي ليس معه من مادة المصداق الأولي ولا هيئته شيء أصلا غير أنه آلة الاستضاءة في الظلمة وبذلك يسمى سراجا حقيقة.
ونظيره السلاح الذي كان أول ما ظهر اسما لمثل الفأس من النحاس أو المجن مثلا وهو اليوم يطلق حقيقة على مثل المدفع والقنبلة الذرية وقد سرى هذا النوع من التحول والتطور إلى كثير من وسائل الحياة والأعمال التي يعتورها الإنسان في عيشته.
وبالجملة كانت الصحابة لا يتكلمون في غير الأحكام من معارف الدين مما يرجع إلى أسمائه وصفاته وأفعاله وغيرها غير أنهم ينفون عنه لوازم التشبيه بما ورد من آيات التنزيه ويسكتون عن المعنى الإثباتي الذي يبقى بعد النفي فيقولون مثلا في مثل قوله : « الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » إن الاستواء بمعنى استقرار الجسم في مكان بالاعتماد عليه منفي عنه تعالى وأما أن المراد بالاستواء ما هو؟ فالله أعلم بمراده ، والأمر مفوض إليه وقد ادعي إجماعهم على ذلك ، بل قال بعضهم : إن أهل القرون الثلاثة الأول من الهجرة مجمعون على التفويض ، وهو نفي لوازم التشبيه والسكوت عن البحث في أصل المراد.
لكنه مدفوع بأن طريقة أئمة أهل البيت عليهالسلام المأثورة منهم هي الإثبات والنفي معا والإمعان في البحث عن حقائق الدين دون النفي المجرد عن الإثبات والدليل على ذلك ما حفظ عنهم من الأحاديث الجمة التي لا يسع إنكارها إلا لمكابر.
بل الذي روي (١) عن أم سلمة رضي الله عنها : في معنى الاستواء أنها قالت :« الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ـ والإقرار به إيمان والجحود به كفر » يدل على أنها كانت ترى هذا الرأي ولو كانت ترى ما نسب إلى الصحابة لقالت : الاستواء مجهول والكيف غير معقول ، إلخ.
نعم الأكثرون من الصحابة والتابعين وتابعيهم من السلف على هذه الطريقة وقد
__________________
(١) روح المعاني عن اللالكاني في كتاب السنة عن الحسن عن أمه عنها رض.