بِآياتِنا » وأنه إنما كفر بآيات الله زاعما أن ذلك طريقة ميمونة مباركة تجلب لسالكها العزة والقدرة وترزقه الخير والسعادة في الدنيا وقد أقسم بذلك كما يشهد به لام القسم ونون التأكيد في قوله : « لَأُوتَيَنَّ ».
قوله تعالى : « أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً » رد سبحانه عليه قوله : « لأوتين مالا وولدا بكفري » بأنه رجم بالغيب لا طريق له إلى العلم فليس بمطلع على الغيب حتى يعلم بأنه سيؤتى بكفره ما يأمله ولا بمتخذ عهدا عند الله حتى يطمئن إليه في ذلك ، وقد جيء بالنفي في صورة الاستفهام الإنكاري.
قوله تعالى : « كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا » كلا كلمة ردع وزجر وذيل الآية دليل على أنه سبحانه يرد بها ما يتضمنه قول هذا القائل من ترتب إيتاء المال والولد على الكفر بآيات الله ومحصله أن الذي يترتب على قوله هذا ليس هو إيتاء المال والولد فإن لذلك أسبابا أخر بل هو مد العذاب على كفره ورجمه فهو يطلب بما يقول في الحقيقة عذابا ممدودا يتلو بعضه بعضا لأنه هو تبعة قوله لا إيتاء المال والولد وسنكتب قوله ونرتب عليه أثره الذي هو مد العذاب فالآية نظيرة قوله : « فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ » العلق : ١٨.
ومن هنا يظهر أن الأقرب أن يكون المراد من كتابة قوله تثبيته ليترتب عليه أثره لا كتابته في صحيفة عمله ليحاسب عليه يوم القيامة كما فسره به أرباب التفسير ، على أن قوله الآتي : « وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ » لا يخلو على قولهم من شائبة التكرار من غير نكتة ظاهرة.
قوله تعالى : « وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً » المراد بوراثة ما يقول أنه سيموت ويفنى ويترك قوله : لأوتين بكفري مالا وولدا ، وقد كان خطيئة لازمة له لزوم المال للإنسان محفوظة عند الله كأنه مال ورثه بعده ففي الكلام استعارة لطيفة.
وقوله : « وَيَأْتِينا فَرْداً » أي وحده وليس معه شيء مما كان ينتصر به ويركن إليه بحسب وهمه فمحصل الآية أنه سيأتينا وحده وليس معه إلا قوله الذي حفظناه عليه فنحاسبه على ما قال ونمد له من العذاب مدا.
هذا ما يقتضيه البناء على كون قوله في أول الآيات « لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً » ناظرا