قال الأخفش : زعم الخليل : أن الإكفاء هو الإقواء ، قال : وقد سمعته من غيره من أهل العلم ، قال : وسألت العرب الفصحاء عن الإكفاء فإذا هم يجعلونه الفسادَ فى آخرالبيت والاختلافَ من غيرأن يحُدّوا فى ذلك شيئا ، إلاأنى رأيت بعضهم يجعله اختلاف الحروف فأنشدته :
كَأنَّ فا قارورةٍ لم تُعْفَصِ |
|
منها حَجاجا مُقْلة لم تُلْخَصِ |
كأنَ صيران المَهَّى المنقِّزِ (١) |
فقال : هذا هو الإكفاء ، وأنشده آخر قوافىَ على حروف مختلفة ، فعابه ، ولا أعلمه إلا قال له : قد أكفأت. قال ابن جِنّى : إذا كان الإكفاء فى الشِّعْر محمولا على الإكفاء إنما هو للخلاف ، ووقوع الشىء على غير وجهه لم ينكَر أن يسمّوا به الإقواء فى اختلاف حروف الروىّ جميعا ؛ لأن كل واحد منهما واقع على غير استواء. قال الأخفش : إلا أنى رأيتهم إذا قربت مخارج الحروف أو كانت من مخرج واحد ثم اشتدّ تشابهها لم يفطن لها عامَّتهم ، يعنى : عامَّة العرب ، قال : والمكفأ فى كلامهم هو المقلوب ، وإلى هذا يذهبون ، قال الشاعر :
ولمَّا أصابتنى من الدَّهر نَزْلةٌ |
|
شُغِلْتُ وألْهَى الناسَ عَنِّى شُئونُها |
إذا الفارغَ المكفِىَ منهم دعوته |
|
أبَرَّ وكانت دعوةً يستديمها (٢) |
فجعل الميم مع النون لشبهها بها لأنهما يخرجان من الخياشيم،قال:وأخبرنى من أثق به من أهل العلم:أن ابنة أبى مُسافع قالت ترثى أباهاوقُتِل وهو يحمِى جِيفة أبى جَهْل بن هشام :
وما ليثُ غرِيفٍ ذو |
|
أظافيرَ وإقدامْ |
كحِبِّى إذ تلاقَوْا و |
|
وجوهُ القوم أقرانْ |
وأنت الطِّاعن النجلا |
|
ءَ منها مُزْبِدٌ آنْ |
وبالكفّ حُسامٌ صا |
|
رمٌ أبيضُ خَدَّامْ |
وقد ترحل بالركب |
|
فما تُخنِى بصُحْبانْ (٣) |
__________________
(١) الرجز بلا نسبة فى تاج العروس (كفأ) ؛ ولسان العرب (كفأ) ، (نقز).
(٢) البيتان بلا نسبة فى لسان العرب (كفأ) ؛ وتاج العروس (كفأ).
(٣) الأبيات لابنة أبى مسافع فى لسان العرب (كفأ) ؛ وتاج العروس (كفأ) ؛ إلا البيع الرابع فهو موجود فى لسان العرب (كفأ) ؛ ولا يوجد فى تاج العروس.