وعلى ما أنشده أبو على لكثير :
وأنت ابنَ ليلى خيرُ قومك مَشْهدا |
|
إذا ما احمأرَّت بالعبِيط العوامل (١) |
* وقولُ عمران بن حِطَّان الحَرورىّ :
قد كنت عندكَ حولا لا تروّعنى |
|
فيه روائعُ من إنس ولا جانِى (٢) |
(إنما أراد : من إنس ولا جانّ) (فأبدل النون الثانية ياء).
وقال ابن جنى : بل حذف النون الثانية تخفيفا.
وقال أبو إسحق فى قوله تعالى : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) [البقرة : ٣٠] : رُوِى أن خَلْقا يقال لهم الجانّ كانوا فى الأرض فأفسدوا فيها وسفكوا الدّماء ، فبعث الله ملائكة أجْلَتهم من الأرض.
وقيل : إن هؤلاء الملائكة صاروا سُكَّان الأرض بعد الجانّ. فقالوا : يا ربنا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ).
* والجانّ : ضرب من الحيَّات أكحل العينين يَضْرِب إلى الصُّفرة لا يؤذِى. وهو كثير فى بيوت الناس.
وقال سيبويه : والجمع : جِنَّان ، وقال الخَطَفَى جَدّ جَرِير يصف إبلا :
أعناقَ جِنَّان وهامًا رُجَّفَا |
|
وعَنَقًا بعد الرَّسِيم خيْطفَا (٣) |
وكان أهل الجاهلية يسمّون الملائكة عليهمالسلام جِنّا لاستتارهم عن العيون ، قال الأعشى يذكر سليمان عليهالسلام :
وسَخَّر من جِنِ الملائك تِسعةً |
|
قياما لديه يعملون بلا أجر (٤) |
وقد قيل فى قوله : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) [الكهف : ٥٠] : إنه عَنَى الملائكة (٥).
__________________
(١) البيت لكثير عزة فى ديوانه ص ٢٩٤ ؛ ولسان العرب (جنن).
(٢) البيت لعمران بن حطان فى لسان العرب (ظلل) ، (جنن). وفيه : (يروعنى) مكان (تروعنى).
(٣) الرجز للخطفى (واسمه حذيفه ، وهو جدّ جرير) فى لسان العرب (خطف) ، (سدف) ، (جنن) ؛ وتهذيب اللغة (٥ / ١٩٠) ؛ وتاج العروس (حيد) ، (خطف).
(٤) البيت للأعشى فى لسان العرب (جنن) ، وليس فى ديوانه.
(٥) وهو قول شاذ لا يعول عليه ، لما ثبت فى صحيح مسلم عن عائشة مرفوعًا : «خُلقت الملائكة من نور ، وخُلق إبليس (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) ، وخلق آدم مما وصف لكم». وانظر تفسير ابن كثير (٣ / ٨٩) ط. المكتبة التوفيقية.