الحيض تنصب فيها فتصرفه الرحم في غذاء الجنين ، وما تزداده هو الدم التي تدفعها إلى خارج كدم النفاس والدم أو الحمرة التي تراها أيام الحمل أحيانا وهو الذي يظهر من بعض ما روي عن أئمة أهل البيت عليهالسلام وربما ينسب إلى ابن عباس.
وأكثر المفسرين على أن المراد بما تغيض الأرحام الوقت الذي تنقصه الأرحام من مدة الحمل وهي تسعة أشهر ، والمراد بما تزداد ما تزيد على ذلك.
وفيه خلوة عن شاهد يشهد عليه فإن الغيض بهذا المعنى نوع من الاستعارة التي لا غنى لها عن القرينة.
ويروى عن بعضهم أن المراد بما تغيض الأرحام ما تنقص عن أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر وهو السقط وبما تزداد ما يولد لأقصى مدة الحمل ، وعن بعض آخر أن الغيض النقصان من الأجل والإزدياد الإزدياد فيه.
ويرد على الوجهين ما أوردناه على سابقهما ، وقد عرفت أن الأنسب بسياق الآية النقص والزيادة فيما يقذف في الرحم من الدم.
وقوله : « وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ » المقدار هو الحد الذي يحد به الشيء ويتعين ويمتاز به من غيره إذ لا ينفك الشيء الموجود عن تعين في نفسه وامتياز من غيره ولو لا ذلك لم يكن موجدا البتة.
وهذا المعنى أعني كون كل شيء مصاحبا لمقدار وقرينا لحد لا يتعداه حقيقة قرآنية تكرر ذكرها في كلامه تعالى كقوله : « قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً » : الطلاق : ٣ ، وقوله : « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ » : الحجر : ٢١ وغير ذلك من الآيات.
فإذا كان الشيء محدودا بحد لا يتعداه وهو مضروب عليه ذلك الحد عند الله وبأمره ولن يخرج من عنده وإحاطته ولا يغيب عن علمه شيء كما قال : « إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ » : الحج : ١٧ وقال : « أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ » : حم السجدة : ٥٤ ، وقال : « لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ » : السبأ : ٣ فمن المحال أن لا يعلم تعالى ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد.
فذيل الآية أعني قوله : « وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ » تعليل لصدرها أعني قوله :