أي حال مأخوذ من عبور النهر ونحوه كان العابر يعبر من الرؤيا إلى ما وراءها
من التأويل ، وهو حقيقة الأمر التي تمثلت لصاحب الرؤيا في صورة خاصة مألوفة له.
قال في الكشاف
، في قوله : « سَبْعَ
بَقَراتٍ سِمانٍ » إلخ فإن قلت : هل من فرق بين إيقاع سمان صفة للمميز وهو بقرات دون المميز
وهو سبع وإن يقال : سبع بقرات سمانا؟ قلت : إذا أوقعتها صفة لبقرات فقد قصدت إلى
أن تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا بجنسهن ، ولو وصفت بها السبع
لقصدت إلى تمييز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها ثم رجعت فوصفت المميز بالجنس بالسمن.
فإن قلت : هلا
قيل : سبع عجاف على الإضافة؟ قلت : التمييز موضوع لبيان الجنس والعجاف وصف لا يقع
البيان به وحده فإن قلت : فقد يقال : ثلاثة فرسان وخمسة أصحاب قلت : الفارس
والصاحب والراكب ونحوها صفات جرت مجرى الأسماء فأخذت حكمها وجاز فيها ما لم يجز في
غيرها ، ألا تراك لا تقول : عندي ثلاثة ضخام وأربعة غلاظ. انتهى.
وقال أيضا :
فإن قلت : هل في الآية دليل على أن السنبلات اليابسة كانت سبعا كالخضر؟ قلت :
الكلام مبني على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر
فوجب أن يتناول معنى الآخر السبع ، ويكون قوله : « وَأُخَرَ يابِساتٍ » بمعنى وسبعا أخر. فإن قلت : هل يجوز أن يعطف قوله : « وَأُخَرَ يابِساتٍ » على «
سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ » فيكون مجرور المحل؟ قلت : يؤدي إلى تدافع وهو أن عطفها على سنبلات خضر
يقتضي أن يدخل في حكمها فيكون معها مميزا للسبع المذكورة ، ولفظ الأخر يقتضي أن
يكون غير السبع بيانه أنك تقول : عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر فيصح لأنك ميزت
السبعة برجال موصوفين بقيام وقعود على أن بعضهم قيام وبعضهم قعود فلو قلت : عنده
سبعة رجال قيام وآخرين قعود تدافع ففسد. انتهى ، وكلامه على اشتماله على نكتة
لطيفة لا ينتج أزيد من الظن بكون السنبلات اليابسات سبعا كغيرها أما وجوب الدلالة
من الكلام فلا البتة.
ومعنى الآية :
وقال ملك مصر لملئه إني أرى في منامي سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات مهازيل وأرى
سبع سنبلات خضر وسنبلات أخر يابسات يا أيها الملأ بينوا