( بحث روائي )
في تفسير القمي ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام : في قوله : « ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ ـ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ » فالآيات شهادة الصبي والقميص المخرق من دبر ـ واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب ، فلما عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه.
ودخل معه السجن فتيان يقول : عبدان للملك ـ أحدهما خباز والآخر صاحب الشراب ، والذي كذب ولم ير المنام هو الخباز.
وذكر الحديث علي بن إبراهيم القمي قال : ووكل الملك بيوسف رجلين يحفظانه ـ فلما دخل السجن قالوا له : ما صناعتك؟ قال : أعبر الرؤيا. فرأى أحد الموكلين في منامه ـ كما قال يعصر خمرا. قال يوسف : تخرج وتصير على شراب الملك وترتفع منزلتك عنده ، وقال الآخر : إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه ، ولم يكن رأى ذلك فقال له يوسف : أنت يقتلك الملك ويصلبك وتأكل الطير من رأسك ، فضحك الرجل وقال : إني لم أر ذلك ـ فقال يوسف كما حكى الله : « يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً ـ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ـ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ ».
فقال أبو عبد الله عليهالسلام في قوله : « إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » قال : كان يقوم على المريض ، ويلتمس للمحتاج ، ويوسع على المحبوس ـ فلما أراد من يرى في نومه يعصر خمرا الخروج من الحبس ـ قال له يوسف : « اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ » فكان كما قال الله : « فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ».
أقول : وفي الرواية اضطراب لفظي ، وظاهرها أن صاحبيه في السجن لم يكونا مسجونين وإنما كانا موكلين عليه من قبل الملك ، ولا يلائم ذلك ظاهر قوله تعالى : « وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا » وقوله : « قالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما ».