وطريق العبادة طمعا لا يخلوان من شرك فإن الذي يعبده تعالى خوفا من عذابه
يتوسل به تعالى إلى دفع العذاب عن نفسه كما أن من يعبده طمعا في ثوابه يتوسل به
تعالى إلى الفوز بالنعمة والكرامة ، ولو أمكنه الوصول إلى ما يبتغيه من غير أن
يعبده لم يعبده ولا حام حول معرفته ، وقد تقدمت الرواية ـ عن الصادق عليهالسلام : « هل الدين إلا الحب » وقوله عليهالسلام في حديث : « وإني أعبده حبا له وهذا مقام مكنون ـ لا
يمسه إلا المطهرون » الحديث ، وإنما كان أهل الحب مطهرين لتنزههم عن الأهواء
النفسانية والألواث المادية فلا يتم الإخلاص في العبادة إلا من طريق الحب.
٣
ـ كيف يورث الحب الإخلاص؟ عبادته تعالى : خوفا من العذاب تبعث الإنسان إلى التروك وهو الزهد في
الدنيا للنجاة في الآخرة فالزاهد من شأنه أن يتجنب المحرمات أو ما في معنى الحرام
أعني ترك الواجبات ، وعبادته تعالى طمعا في الثواب تبعث إلى الأفعال وهو العبادة
في الدنيا بالعمل الصالح لنيل نعم الآخرة والجنة فالعابد من شأنه أن يلتزم
الواجبات أو ما في معنى الواجب وهو ترك الحرام ، والطريقان معا إنما يدعوان إلى
الإخلاص للدين لا لرب الدين.
وأما محبة الله
سبحانه فإنها تطهر القلب من التعلق بغيره تعالى من زخارف الدنيا وزينتها من ولد أو
زوج أو مال أو جاه حتى النفس وما لها من حظوظ وآمال ، وتقصر القلب في التعلق به
تعالى وبما ينسب إليه من دين أو نبي أو ولي وسائر ما يرجع إليه تعالى بوجه فإن حب
الشيء حب لآثاره.
فهذا الإنسان
يحب من الأعمال ما يحبه الله ويبغض منها ما يبغضه الله ويرضى برضا الله ولرضاه
ويغضب بغضب الله ولغضبه ، وهو النور الذي يضيء له طريق العمل ، قال تعالى : « أَوَمَنْ كانَ
مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ » : الأنعام : ١٢٢. والروح الذي يشير إليه بالخيرات
والأعمال الصالحات ، قال تعالى : «
وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » : المجادلة : ٢٢ وهذا هو السر في أنه لا يقع منه إلا
الجميل والخير ويتجنب كل مكروه وشر.
وأما الموجودات
الكونية والحوادث الواقعة فإنه لا يقع بصره على شيء منها خطير أو حقير ، كثير أو
يسير إلا أحبه واستحسنه لأنه لا يرى منها إلا أنها آيات محضة تجلى له