فضاحتها بين الناس.
وقيل : إنما كان قولهن مكرا لأنهن جعلناه ذريعة إلى لقاء يوسف لما سمعن من حسنه البديع فإنما قلن هذا القول لتسمعه امرأة العزيز فترسل إليهن ليحضرن عندها فتريهن إياه ليعذرنها فيما عزلنها له فيتخذن ذلك سبيلا إلى أن يراودنه عن نفسه هذا ، والوجه الأول أقرب إلى سياق الآيات.
وقوله : « أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ » معناه معلوم وهو كناية عن الدعوة إلى الحضور عندها.
وقوله : « وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً » الاعتاد الإعداد والتهيئة أي أعدت وهيأت ، والمتكأ بضم الميم وتشديد التاء اسم المفعول من الاتكاء ، والمراد به ما يتكأ عليه من نمرق أو كرسي كما كان معمولا في بيوت العظماء. وفسر المتكأ بالأترج وهو نوع من الفاكهة كما قرئ في الشواذ « مُتَّكَأً » بالضم فالسكون وهو الأترج وقرئ « مُتَّكَأً » بضم الميم وتشديد التاء من غير همز.
وقوله : « وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً » أي لقطع ما يرون أكله من الفاكهة كالأترج أو ما يشابهه من الفواكه المأكولة بالقطع وقوله : « وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَ » أي أمرت يوسف أن يخرج عليهن وهن خاليات الأذهان فارغات القلوب مشتغلات بأخذ الفاكهة وقطعها ، وفي اللفظ دلالة على أنه عليهالسلام كان غائبا عنهن وكان في مخدع هناك أو بيت آخر في داخل بيت المأدبة الذي كن فيه فإنها قالت : « اخْرُجْ عَلَيْهِنَ » ولو كان في خارج من البيت لقالت : « ادخل عليهن ».
وفي السياق دلالة على أن هذا التدبير كان مكرا منها تجاه مكرهن ليفتضحن به فيعذرنها فيما عذلنها وقد أصابت في رأيها حيث نظمت برنامج الملاقاة فاعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا ، وأخفت يوسف عن أعينهن ثم فاجأتهن بإظهاره دفعة لهن ليغبن عن عقولهن ، ويندهشن بذاك الجمال البديع ويأتين بما لا يأتي به ذو شعور البتة وهو تقطيع الأيدي مكان الفواكه لا من الواحدة والثنتين منهن بل من الجميع.
قوله تعالى : « فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ » الإكبار الإعظام وهو كناية عن اندهاشهن وغيبتهن عن شعورهن