والقبول المستلزم لتأثير الغير فيه وتأثره عنه.
وقد حول الله الخطاب في الآية عن نبيه صلىاللهعليهوآله إلى المؤمنين التفاتا وكأن الوجه فيه التلويح لهم بما يشتمل عليه قوله : « وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ » من الحكم وهو أن من الواجب على كل مؤمن أن يرضي الله ورسوله ، ولا يحاد الله ورسوله فإن فيه خزيا عظيما نار جهنم خالدا فيها.
ومن أدب التوحيد في الآية ما في قوله : « أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ » من إفراد الضمير ولم يقل : أحق أن يرضوهما صونا لمقامه تعالى من أن يعدل به أحد فإن أمثال هذه الحقوق وكذا الأوصاف التي يشاركه تعالى غيره من حيث الإطلاق والإجراء ، له تعالى بالذات ولنفسه ولغيره بالتبع أو بالعرض ومن جهته كوجوب الإرضاء والتعظيم والطاعة وغيرها ، وكالاتصاف بالعلم والحياة والإحياء والإماتة وغيرها.
وقد روعي نظير هذا الأدب في القرآن في موارد كثيرة فيما يشارك النبي صلىاللهعليهوآله غيره من الأمة من الشئون فأخرج النبي صلىاللهعليهوآله من بينهم وأفرد بالذكر كما في قوله : « يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا » التحريم : ـ ٨ وقوله : « فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ » الفتح : ـ ٢٦ وقوله : « آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ » : البقرة : ـ ٢٨٥ وغير ذلك.
قوله تعالى : « أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ » إلى آخر الآية قال في المجمع ، : المحادة مجاوزة الحد بالمشاقة ، وهي والمخالفة والمجانبة والمعاداة نظائر ، وأصله المنع والمحادة ما يلحق الإنسان من النزق لأنه يمنعه من الواجب وقال : والخزي الهوان وما يستحيي منه. انتهى.
والاستفهام في الآية للتعجيب ، والكلام مسوق لبيان كونه تعالى وكون رسوله أحق بالإرضاء ومحصله أنهم يعلمون أن محادة الله ورسوله والمشاقة والمعاداة مع الله ورسوله والإسخاط يوجب خلود النار ، وإذا حرم إسخاط الله ورسوله وجب إرضاؤه وإرضاء رسوله على من كان مؤمنا بالله ورسوله.