وقد قال تعالى : « ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ » الحديد : ـ ٢٣ ، وقال : « ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ » التغابن : ـ ١١ وقال : « ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا » سورة محمد : ـ ١١ ، وقال : « وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ » آل عمران : ـ ٦٨ ، وقال : « فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ » الشورى : ـ ٩.
والآيات ـ كما ترى ـ تتضمن أصول هذه الحقيقة التي تنبئ عنه الآية التي نتكلم فيها جوابا عن وهم المنافقين ، وهي أن حقيقة الولاية لله سبحانه ليس إلى أحد من دونه من الأمر شيء فإذا آمن الإنسان به وعرف مقام ربه علم ذلك وكان عليه أن يتوكل على ربه ويرجع إليه حقيقة المشية والخيرة فلا يفرح بحسنة أصابته ، ولا يحزن لسيئة أصابته.
ومن الجهل أن يسوء الإنسان ما أصابت عدوه من حسنة أو يسره ما أصابته من سيئة فليس له من الأمر شيء ، وهذا هو الجواب الأول عن مساءتهم بما أصاب المؤمنين من الحسنة وفرحهم بما أصابتهم من السيئة.
وظاهر كلام بعض المفسرين أن المولى في الآية بمعنى الناصر ، وكذا ظاهر كلام بعضهم : أن قوله : « وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » جملة مستأنفة أمر الله فيها المؤمنين بالتوكل عليه ، والسياق المشهود من الآيتين لا يساعد عليه.
قوله تعالى : « قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ » الآية الحسنيان هما الحسنة والسيئة على ما يدل عليه الآية الأولى الحاكية أنهم يسوؤهم ما أصاب النبي صلىاللهعليهوآله من حسنة ، وتسرهم ما أصابه من سيئة فيقولون قد أخذنا أمرنا من قبل فهم على حال تربص ينتظرون ما يقع به وبالمؤمنين من الحسنة أو السيئة.
والحسنة والسيئة كلتاهما حسنيان بحسب النظر الديني فإن في الحسنة حسنة الدنيا وعظيم الأجر عند الله ، وفي السيئة التي هي الشهادة أو أي تعب وعناء أصابهم مرضاة الله وثواب خالد دائم.
ومعنى الآية أنا نحن وأنتم كل يتربص بصاحبه غير أنكم تتربصون بنا إحدى خصلتين كل واحدة منهما خصلة حسنى وهما : الغلبة على العدو مع الغنيمة ، والشهادة