تبوك وسبب ذلك ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يسافر سفرا أبعد منه ولا أشد منه ـ.
وكان سبب ذلك أن الصيافة كانوا يقدمون المدينة من الشام ـ ومعهم الدرموك والطعام. وهم الأنباط فأشاعوا بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا ـ يريدون غزو رسول الله صلىاللهعليهوآله في عسكر عظيم ، وأن هرقل قد سار في جمع جنوده ، وجلب معهم غسان وجذام وبهراء وعاملة ، وقد قدم عساكره البلقاء ونزل هو حمص ـ.
فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه إلى تبوك وهي من بلاد البلقاء ، وبعث إلى القبائل حوله ، وإلى مكة ، وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة فحثهم على الجهاد ـ.
وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بعسكره فضرب في ثنية الوداع ، وأمر أهل الجدة أن يعينوا من لا قوة به ، ومن كان عنده شيء أخرجه ، وحملوا وقووا وحثوا على ذلك ـ.
وخطب رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال بعد حمد الله والثناء عليه : أيها الناس إن أصدق الحديث كتاب الله. وأولى القول كلمة التقوى ، وخير الملل ملة إبراهيم ، وخير السنن سنة محمد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص هذا القرآن ، وخير الأمور عزائمها وشر الأمور محدثاتها ، وأحسن الهدى هدى الأنبياء ، وأشرف القتلى الشهداء ، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى ، وخير الأعمال ما نفع ، وخير الهدى ما اتبع ، وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وشر المعذرة محضر الموت ، وشر الندامة يوم القيامة ، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا. ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا ، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذب ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله ، وخير ما ألقي في القلب اليقين ، والارتياب من الكفر ، والتباعد من عمل الجاهلية ، والغلول من قيح جهنم ، والسكر جمر النار ، والشعر من إبليس ، والخمر جماع الإثم ، والنساء حبائل إبليس ، والشباب شعبة من الجنون ، وشر المكاسب كسب الربا ، وشر الأكل أكل مال اليتيم ، والسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من شقي في بطن أمه ، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ، والأمر إلى آخره وملاك الأمر خواتيمه ، وأربى الربا الكذب ، وكلما هو آت قريب ، وسباب المؤمن فسوق ، وقتال المؤمن كفر ، وأكل لحمه من معصية الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه ، ومن توكل على الله كفاه ، ومن صبر ظفر ، ومن يعف يعف الله عنه ، ومن كظم الغيظ