والله ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب من رءوسهم ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبو بكر إلى غار ثور ـ فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض ـ.
وطلبته قريش أشد الطلب ـ حتى انتهوا إلى باب الغار فقال بعضهم : إن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد.
وفي إعلام الورى ، ـ : في حديث سراقة بن جعشم مع النبي صلىاللهعليهوآله ـ قال : الذي اشتهر في العرب يتقاولون فيه الأشعار ـ ويتفاوضونه في الديار أنه تبعه ـ وهو متوجه إلى المدينة طالبا لغرته صلىاللهعليهوآله ليحظى بذلك عند قريش ، حتى إذا أمكنته الفرصة في نفسه ـ وأيقن أن قد ظفر ببغيته ساخت قوائم فرسه ـ حتى تغيبت بأجمعها في الأرض وهو بموضع جدب ـ وقاع صفصف فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي ـ فنادى يا محمد : ادع ربك يطلق لي فرسي ـ وذمة الله أن لا أدل عليك أحدا ، فدعا له فوثب جواده كأنه أفلت من أنشوطة وكان رجلا داهية ، وعلم بما رأى أنه سيكون له نبأ فقال : اكتب لي أمانا فكتب له وانصرف ـ.
قال محمد بن إسحاق : إن أبا جهل قال في أمر سراقة أبياتا فأجابه سراقة نظما :
أبا حكم واللات (١) لو كنت شاهدا |
|
لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه |
عجبت ولم تشكك بأن محمدا |
|
نبي ببرهان فمن ذا يكاتمه؟ |
عليك بكف الناس عنه فإنني |
|
أرى أمره يوما ستبدو معالمه : |
أقول : ورواه في الكافي ، بإسناده عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وفي الدر المنثور ، بعدة طرق ، وأورده الزمخشري في ربيع الأبرار.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن سعد وابن مردويه عن ابن مصعب قال : أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم ـ والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون : أن النبي صلىاللهعليهوآله ليلة الغار أمر الله شجرة ـ فنبتت في وجه النبي صلىاللهعليهوآله فسترته ، وأمر الله العنكبوت فنسجت في وجه النبي صلىاللهعليهوآله فسترته ـ وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار ـ.
وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل ـ بعصيهم وأسيافهم وهراويهم ـ حتى إذا
__________________
(١) والله.