الله وهو جائز وواقع من الأنبياء عليهمالسلام وليسوا بمعصومين من الخطإ فيه وإنما العصمة المتفق عليها خاصة بتبليغ الوحي ببيانه والعمل به فيستحيل على الرسول أن يكذب أو يخطئ فيما يبلغه عن ربه أو يخالفه بالعمل.
ومنه ما تقدم في سورة الأنفال من عتابه تعالى لرسوله صلىاللهعليهوآله في أخذ الفدية من أسارى بدر حيث قال : « ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ » الأنفال : ـ ٦٧ ثم بين أنه كان مقتضيا لنزول عذاب أليم لو لا كتاب من الله سبق فكان مانعا انتهى كلامه بنوع من التلخيص.
وليث شعري ما الذي زاد في كلامه على ما تفصى به الرازي وغيره حيث ذكروا أن ذلك من ترك الأولى ، ولا يسمونه ذنبا في عرف المتشرعين وهو الذي يستتبع عقابا ، وذكر هو أنه من ترك الأصلح وسماه ذنبا لغة.
على أنك قد عرفت فيما تقدم أنه لم يكن ذنبا لا عرفا ولا لغة بدلالة ناصة من الآيات على أن عدم خروجهم كان هو الأصلح لحال جيش المسلمين لتخلصهم بذلك عن غائلة وقوع الفتنة واختلاف الكلمة ، وكانت هذه العلة بعينها موجودة لو لم يأذن لهم النبي صلىاللهعليهوآله وظهر منهم ما كانوا أبطنوه من الكفر والخلاف وأن الذي ذكره الله بقوله : « وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً » إن عدم إعدادهم العدة كان يدل على عدم إرادتهم الخروج ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أجل من أن يخفى عليه ذلك وهم بمرأى منه ومسمع.
مضافا إلى أنه صلىاللهعليهوآله كان يعرفهم في لحن القول كما قال تعالى : « وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ » سورة محمد : ـ ٣٠ وكيف يخفى على من سمع من أحدهم مثل قوله : « ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي » أو يقول للنبي صلىاللهعليهوآله : « هُوَ أُذُنٌ » أو يلمزه في الصدقات ولا ينصح له صلىاللهعليهوآله إن ذلك من طلائع النفاق يطلع منهم وما وراءه إلا كفر وخلاف.
فقد كان النبي صلىاللهعليهوآله يتوسم منهم النفاق والخلاف ويعلم بما في نفوسهم ، ومع ذلك فعتابه صلىاللهعليهوآله بأنه لم لم يكف عن الإذن ولم يستعلم حالهم ولم يميزهم من غيرهم؟ ليس إلا عتابا غير جدي للغرض الذي ذكرناه.
وأما قوله : « إن الإذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في