إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الميزان في تفسير القرآن [ ج ٧ ]

182/399
*

أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ » : ( البقرة : ٢٥٨ ) ويتضمن ذكر الشمس وتأنيث الضمير العائد إليها.

ومن عجيب ما أورد على هذا الوجه ما ذكره بعض المفسرين وأصر عليه : أن إبراهيم عليه‌السلام وكذا إسماعيل وهاجر كانوا يتكلمون باللغة العربية القديمة ، وأنها كانت لغة قومه ، قال ما ملخصه : إنه ثبت عند علماء الآثار القديمة ، أن عرب الجزيرة قد استعمروا منذ فجر التاريخ بلاد الكلدان ومصر وغلبت لغتهم فيهما ، وصرح بعضهم بأن الملك حموربي الذي كان معاصرا لإبراهيم عليه‌السلام عربي وحموربي هذا ملك البر والسلام ووصف في العهد العتيق بأنه كاهن الله العلي ، وذكر فيه أنه بارك إبراهيم ، وأن إبراهيم أعطاه العشرة من كل شيء ، قال : ومن المعروف في كتب الحديث والتاريخ العربي أن إبراهيم أسكن إسماعيل ابنه عليه‌السلام مع أمه هاجر المصرية في الواد الذي بنيت فيه مكة بعد ذلك ، وأن الله سخر لهما جماعة من جرهم سكنوا معهما هنالك ، وأن إبراهيم عليه‌السلام كان يزورهما ، وأنه هو وولده إسماعيل بنيا بيت الله الحرام ونشرا دين الإسلام في البلاد العربية ، وفي الحديث : أن إبراهيم عليه‌السلام جاء مكة ليزور ابنه ـ وقد خرج إلى الصيد ـ فكلم زوجته وكانت جرهمية فلم يرتض أمرها ـ ثم جاءها بعد مدة ليزوره فلم يجده فكلم زوجته الأخرى ـ فدعته إلى النزول وغسل رأسه ـ فارتضى أمرها ودعا لها ، وكل ذلك يدل على أنه كان يتكلم بالعربية ، هذا ملخص ما ذكره.

وفيه : أن مجاورة عرب الجزيرة مصر وكلدان واختلاطهم بهم أو استعمارهم واستيلاؤهم عليهم لا يوجب تبدل لغاتهم إلى العربية ، وقد كانت لغة مصر قبطية ولغة كلدان والآشوريين سريانية ، نعم ربما أوجب ذلك دخول أسماء وألفاظ من لغة بعضهم في لغة بعض كما يوجد في القرآن الكريم أمثال القسطاس والإستبرق وغيرهما وهي من الدخيل.

وأما ما ذكره من أمر حموربي ومعاصرته لإبراهيم عليه‌السلام فلا يطابق ما هو الصحيح من تاريخه ويؤيده الآثار المكشوفة من خرائب بابل والنصب المستخرجة التي كتبت فيها شريعته التي وضعها وأجراها في مملكته وهي أقدم القوانين المدونة في العالم على ما بلغنا ، وقد ذكر بعضهم أن أيام ملكه كانت بين (١٧٢٨) ق م و (١٦٨٦) ق