سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ » اللام فيه للغاية ، وهو معطوف على مقدر طوي عن ذكره تعظيما وتفخيما لأمره وهو شائع في كلامه تعالى ، كقوله : « وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا » : ( آل عمران : ١٤٠ ) وقوله : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » : ( انعام : ٧٥ ).
فالمعنى : وكذلك نشرح ونميز المعارف الإلهية بعضها من بعض ونزيل ما يطرأ عليها من الإبهام لأغراض هامة منها أن تستبين سبيل المجرمين فيتجنبها الذين يؤمنون بآياتنا ، وعلى هذا فالمراد بسبيل المجرمين السبيل التي يسلكها المجرمون قبال الآيات الناطقة بتوحيد الله سبحانه والمعارف الحقة التي تتعلق به وهي سبيل الجحود والعناد والإعراض عن الآيات وكفران النعمة.
وربما قيل إن المراد بسبيل المجرمين السبيل التي تسلك في المجرمين ، وهي سنة الله فيهم من لعنهم في الدنيا وإنزال العذاب إليه بالآخرة ، وسوء الحساب وأليم العقاب في الآخرة ، والمعنى الأول أوفق بسياق الآيات المسرودة في السورة.
( بحث روائي )
في الكافي ، بإسناده فيه رفع عن الرضا عليهالسلام قال : إن الله عز وجل لم يقبض نبينا حتى أكمل له الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء ـ بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا ، وقال عز وجل : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ).
وفي تفسير القمي ، حدثني أحمد بن محمد قال حدثني جعفر بن محمد قال حدثنا كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام : في قوله : « وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ » يقول : صم عن الهدى بكم لا يتكلمون بخير « فِي الظُّلُماتِ » يعني ظلمات الكفر « مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » وهو رد على قدرية هذه الأمة ـ يحشرهم الله يوم القيامة من (١) الصابئين والنصارى والمجوس ـ فيقولون « ( رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ )
__________________
(١) مع ظ.