* والسِّحْرُ ، البيانُ فى فطنةٍ. ومن كلامِه صَلَى الله عليه وسلم : « إنَّ من البيانِ لَسحْراً » (١) يقولُه « لعَمرِو ابن الأهْتمِ » حين قَدِم عليه مع « قيس بنِ عاصِمٍ » فسأل عمْراً عن « الزبْرِقان » فأثنى عليه خيراً ، فلم يرضَ « الزبرقانُ » بذلك وقال : واللهِ يا رسولَ اللهِ إنه ليَعْلمُ أننى أفضَلُ مما قال ، ولكنّه حَسَدنى لمكانى منك. فأثنى عليه « عمروٌ » شَرّا ، ثم قال : « والله يا رسولَ الله ما كذبتُ عليه فى الأولى ولا فى الآخرة ، ولكنه أرضانى فقلتُ بالرضا ، ثم أسخَطنى فقلتُ بالسُّخْطِ ». فقال رسولُ الله صَلَى الله عليه وسلم : « إن من البيانِ لسِحْراً ». قال « أبو عُبَيْدٍ » : كأن المعنى ـ واللهُ أعلمُ ـ أنه يبلغُ من بيانه أنه يمدحُ الإنسانَ فيُصَدَّقُ فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه ، ثم يذُمُّه فيُصَدَّقُ فيه حتى يصرفَ القلوبَ إلى قوله الآخَرِ ، فكأنه قد سحَر السّامعين بذلك. فأمّا قولُه عليه الصلاة والسلامُ : « من تعَلّم باباً من النجوم فقد تعلّم باباً من السِّحْرِ » فقد يكونُ المعنى على الأوَّلِ ، أى أن عِلمَ النجوم مُحَرَّمُ التعلُّمِ وهو كُفرٌ ، كما أن علمَ السحرِ كذلك ؛ وقد يكونُ على المعنى الثانى ، أى أنه فِطنَةٌ وحكمةٌ ، وذلك ما أُدرِك منه بطريق الحسابِ كالكُسوفِ ونحوِه. وبهذا علّل « الدينورِىُّ » هذا الحديثَ.
* والسّحْرُ والسّحَّارةُ : شىءٌ يلعبُ به الصبيانُ ، إذا مُدَّ من جانبٍ خَرَج على لونٍ ، وإذا مُدَّ من جانبٍ آخَرَ خَرجَ على لونٍ آخَرَ مُخالفٍ. وكلُّ ما أشْبَه ذلك سَحَّارةٌ.
* وسَحَره بالطعامِ والشرابِ يسْحَرُه سَحْراً وسَحَّرَه ، غَدَّاه وعَلّله ، وقيل : خَدَعه ، قال « امرؤ القَيْس »
أُرانا مُوضِعينَ لحتمِ غيبٍ |
|
ونُسْحَر بالطّعامِ وبالشرابِ (٢) |
أى نُغَذَّى ونُخدع. وقولُ « لَبيدٍ » :
فإن تسألينا : فيمن نحن؟ فإننا |
|
عصافيرُ من هذا الأنامِ المَسَحّرِ (٣) |
يكونُ على الوجهَين.
* والسِّحْرُ ، الفسادُ. وطعامٌ مسحورٌ ، مَفْسودٌ ـ عن « ثعلب » هكذا حكاه : مَفْسودٌ ، لا أدرى أهوَ على طَرْحِ الزائد ، أم فسَدَته لُغَةٌ ، أم هو خَطأ. ونَبْتٌ مَسحورٌ ، مَفْسودٌ ـ هكذا
__________________
(١) أخرجه البخارى فى « النكاح » ، (ح ٥١٤٦).
(٢) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص ٩٧ ؛ ولسان العرب (سحر) ؛ وكتاب العين (٣ / ١٥٣) ؛ وجمهرة اللغة ص ٥١١ ؛ وتاج العروس (سحر) ؛ وبلا نسبة فى تهذيب اللغة (٤ / ٢٩٣).
(٣) البيت للبيد فى ديوانه ص ٥٦ ؛ ولسان العرب (سحر) ؛ وتهذيب اللغة (٤ / ٢٩٢) ؛ وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٥١١ ؛ ومقاييس اللغة (٣ / ١٣٨) ؛ ومجمل اللغة (٣ / ١٢٣) ؛ وكتاب العين (٣ / ١٣٥) ؛ والمخصص (١ / ٢٧).