شَوْحَط نابتاً فى صخرة ، فأعجبه ، وجعل يُقَوِّمهُ ، حتى بلَغ أن يكون قوْساً ، فقَطَعَه ، وقال :
يا رَبِّ سَدِّدْنِى لنَحْتِ قوْسِى |
|
فإنَّها مِن لذَّتى لنَفْسِى |
وانْفَعُ بقَوْسِى وَلَدِى وعِرْسِى |
|
أنحِتْ صَفراءَ كلوْن الوَرْسِ |
كَبداءَ ليْستْ كالقِسِىِّ النُّكسِ (١) |
حتى إذا فرَغ من نحتها ، برى من بقيتها خمسة أسهم ، ثم قال :
هَذِى ورَبِّى أسْهمٌ حِسانُ |
|
يَلَذُّ للرَّمْىِ بِها البَنانُ |
كأنَّمَا قَوَّمَها مِيزانُ |
|
فأبْشِرُوا بالخِصْبِ يا صِبْيانُ |
إن لم يَعُقْنى الشُّؤْمُ والحِرْمانُ (٢) |
ثم خرَج ليلاً إلى قُتْرة له ، على موارد الحُمُر الوَحْش ، فرَمى عَيراً منها فأنفذه ، وأورى السَّهمُ فى الصَّوّانة نارا ، فظنّ أنه أخطأ ، فقال :
أعوذُ بالمُهَيْمِن الرَّحمنِ |
|
مِن نَكَد الجَدِّ مع الحِرْمانِ |
ما لى رأيتُ السهْم فى الصَّوَّانِ |
|
يُورِى شرار النَّارِ كالعِقْيانِ |
أخْلفَ ظَنِّى وَرَجا الصبْيانِ (٣) |
ثم وَرَدت الحُمُر ثانية ، فرَمى عَيْراً منها ، فكان كالذى مَضَى ، فقال :
أعوذُ بالرَّحمن من شَرِّ القَدَرْ |
|
لا بارَكَ الرَّحمنُ فى أُمِّ القُتَرْ |
أأُمْغِطُ السَّهْمَ لإِرْهاق الضَّرَرْ |
|
أم ذاك من سوء احْتيالى ونَظَرْ |
أم ليسَ يُغْنِى حَذَرٌ عندَ قَدَرْ (٤) |
__________________
(١) الرجز لمحارب بن قيس الكسعى فى لسان العرب ( كسع ) ؛ وتاج العروس ( كسع ).