على انّه يصوم ذلك بنيّة شعبان استظهارا ، فامّا بنيّة انّه من شهر رمضان فلا يجوز على حال ، وقال أبو جعفر الطوسي : يجوز عندي ان يعمل على هذه الرواية الّتي وردت بأنّه يعدّ من السنة الماضية خمسة أيام ويصوم يوم الخامس ، لانّ من المعلوم انّه لا يكون الشهور كلّها تامّة ، وامّا إذا رأى الهلال وقد تطوّق ، أو رأى ظلّ الرأس فيه ، أو غاب بعد الشفق ، فانّ جميع ذلك لا اعتبار به ويجب العمل بالرؤية ، لأنّ ذلك يختلف بحسب اختلاف المطالع والعروض (١) ـ وهذا آخر ما حكاه الراوندي في معناه.
فصل : واعلم انّ الله جلّ جلاله تفضّل علينا بأسرار ربانيّة وأَنوار محمّدية ومبارّ علويّة ، منها تعريفنا بأوائل الشهور وان لم نشاهد هلالها ، وليس ذلك بطريق الأحكام النجوميّة ولا الاستخارات المرويّة ، وانّما ذلك كما قلنا بالأمور الوجدانية الضروريّة ، وانما نذكر من دلائل شهر رمضان أو علاماته أو أماراته ، لمن لم يتفضّل الله جلّ جلاله عليه بما تفضّل به علينا من هباته وكراماته ، وان لم يلزم العمل بها في ظاهر الشريعة النبوية.
وقد وجدنا تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إلينا يوم الرابع والعشرين من صفر سنة ستين وستّمائة بعد تصنيف هذا الكتاب ، ونحن ذاكروها حسب ما رأيناه قريبة من الصواب ، وهذا لفظها :
إذا أردت أن تعرف الوقفة وأول شهر رمضان من كلّ شهر في السنة ، فارتقب هلال محرم ، فإذا رأيته فعدّ منه أربعة أيّام خامسة الوقفة ، وسادسة أول شهر رمضان ، فإذا استتر عنك هلال محرم فارتقب هلال صفر ، وعدّ منه يومين ، وثالثه الوقفة ورابعه أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال صفر فارتقب هلال شهر ربيع الأول ، فإذا رأيته فعدّ منه يوما واحدا ، وثانيه الوقفة وثالثه أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال شهر ربيع الأول فارتقب هلال شهر ربيع الآخر ، فإذا رأيته فعدّ منه ستّة أيام ، وسابعه الوقفة وثامنه أول شهر رمضان.
فان استتر عنك هلال شهر ربيع الآخر فارتقب هلال جمادى الأولى ، فإذا رأيته فعدّ منه
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٦٨.