وصنف : لمّا كان طعامه على طرق مختلفة : تارة معاملة لله جلّ جلاله ، وتارة للشّهوة وفطوره كذلك ، فحاله كما قلناه في طعامه في نقصه وتمامه.
وصنف : لمّا كان طعامه امّا حراما أو مختلطا أو للشهوة (١) ، لكنّه هذّب فطوره ، فكان في فطوره على حال معاملة لله جل جلاله ، فحاله حال المراقبين أو التائبين ، وهو قريب من المسعودين.
وصنف : لمّا كان طعامه معاملة لله وكان فطوره للشهوة ، فحاله كحال من كان مجالسا للملوك أو قريبا منهم ، ثم فارقهم وقنع ان يكون بهيمة من الأنعام أو مفارقا للأنام وبعيدا عنهم.
أقول : وإذا كان الأمر هكذا في خطر الطعام ، وكان قد تغلّب بنو أميّة وولاة كثيرون على فساد أموال أهل الإسلام ، ونقلها عن وجوهها الشرعية.
حتّى لقد روينا من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليهماالسلام ، قال محمد بن الحسن : قال محمد بن هارون الجلاب : قلت له : روينا عن آبائك انّه يأتي على النّاس زمان لا يكون شيء أعزّ من أخ أنيس أو كسب درهم من حلال؟ فقال لي : يا أبا محمّد انّ العزيز موجود ، ولكنّك في زمان ليس فيه شيء أعسر من درهم حلال أو أخ في الله عزّ وجل.
أقول : فقد روي لنا عن خواصّ العترة النبويّة انّ إخراج الخمس من الأموال المشتبهات ، سبب لتطهيرها من الشبهات ، وهذا الوجه ظاهر في التأويل ، لأنّ جميع الأموال ومن هي في يده مماليك لله جل جلاله ، فله سبحانه ان يجعل تطهيرها بإخراج هذا القدر القليل ، ويوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه ، لأجل الإيثار بالخمس لرسوله صلوات الله عليه وآله ولعترته ، ولأجل معونتهم على مقامهم الجليل.
أقول : وقد نصّ الله جلّ جلاله في القرآن الشريف على لسان رسوله صلوات الله عليه وآله ، انّ الدعاء طريق إلى القبول وبلوغ المأمول ، فينبغي ان يدعو بعد الاستظهار
__________________
(١) للشبهة (خ ل).